التشريع والمسيحية مر التشريع في المسيحية بعدة مراحل ألممنا ببعضها فيما سبق من حديث، ومن الضروري أن نذكر هذه المراحل هنا مجتمعة مرتبة لنرى تطور التشريع في المسيحية ونماذج منه، وهاك هذه المراحل:
المرحلة الأولى: اتباع التشريع اليهودي:
تعتبر المسيحية التوراة وأسفار الأنبياء السابقين كتبا مقدسة، ويطلقون عليها (العهد القديم) كما ذكرنا من قبل، وكانوا لذلك في عهودهم الأولى يتبعون شريعة اليهود والوصايا العشر عندهم، وروي عن عيسى بن مريم قوله:
إنني لم أجئ لأغير الناموس ولكن لأقرر، وسيأتي مزيد من إيضاح هذا في المرحلة الثانية.
ومن أجل هذا لم يأت عيسى بتشريع جديد، وكل ما اهتم به هو الوعظ والوصية والتسامح، ويعلل المسيحيون عدم اهتمام عيسى بالتشريع بقولهم:
(ا) إنه أراد الشريعة روحا محييا لا حرفا ميتا.
(ب) إنه أراد تجنيب هذه الشريعة ما تفرضه عليها أحوال الزمان والمكان من تحوير.
(ج) إنه أراد أن يحترم حرية الإنسان فلا يسوقه مكرها إلى الخضوع للشريعة فيحرمه جزاء أعماله (1).
وطبيعي أن هذا التعليل غير مقبول، فإن عيسى لم يتحرر من التشريعات السماوية، وإنما ألزم أتباعه بطاعة ما شرعه العهد القديم، ثم إن التشريع الحكيم ليس حرفا مميتا، ولا جامدا صلدا، ولا يحرم الإنسان نتيجة الطاعة والامتثال، والتشريع الحكيم يسري في فكر الإنسان ويصبح معبرا عنه، ومحققا مطالبه، وحاميا لحرماته.