نشأة عيسى:
ليس عندنا كثير من المعلومات عن نشأة عيسى، ويقول القس بولس سباط أن الأناجيل قد أوجزت الكلام عن حياة عيسى من مولده إلى دعوته، فلم تذكر منها إلا نزرا يسيرا، ولا كتب الإنجيليون سوى أنه كان يزاول التجارة (1) وقد نشأ - فيما يبدو - كما ينشأ الصبيان في عهده، وكان ينتقل مع أمه بين الناصرة وبيت المقدس، وامتاز بذكاء وعمق يكن يهتم بمظاهر الأشياء بل كان يغوص في أعماقها، وكان يسمع المدرسين والحكماء فلا يسلم بما يقولون به، بل يناقشهم كما رأى في كلامهم غموضا أو ألغازا مما تعود سواه أن يقبلها دون تفكير أو نقاش، وقد ألم بالتوراة ونال من العلم قسطا كبيرا، وساءه ما آلت إليه حالة قومه من بني إسرائيل من ضلال وعمى، وما خضعوا له من ترهات وأكاذيب سنلم ببعضها فيما يلي:
بنو إسرائيل قبل نبوة عيسى:
حرف بنو إسرائيل شريعة موسى وجعلوا همهم جمع المال. وامتد هذا التفكير المادي إلى العلماء والرهبان فأخذوا يحرضون العامة على تقديم القرابين والنذور للهيكل رجاء أن يحصلوا على الغفران، وربطوا الغفران برضا الرهبان ودعائهم.
وتعمقوا في المادية وبعدوا عن الروحية، فأنكر فريق منهم القيامة والحشر، ومن ثم أنكروا الحساب والعقاب، فانغمس الكثيرون منهم في متاع الحياة الدنيا غير خائفين من عاقبة، ولا متوقعين حسابا، وفي كلمة