المسيح والمسيحية عند اليهود انتهينا من الكلام عن المسيح والمسيحية عند المسلمين، فلنتكلم الآن كلمة عن المسيح والمسيحية عند اليهود:
وينبغي أن يكون حديثنا هنا، لا عن المسيح والمسيحية، ولكن عن عيسى بن مريم وعن الدين الذي جاء به، أما الكلام عن مسيح اليهود فسيأتي فيما بعد.
والحديث عن عيسى بن مريم عند اليهود موجز للغاية، فإنه لا يوجد في تاريخ اليهود الديني ولا في كتبهم أي ذكر لعيسى بن مريم، ولا لدعوته، ولا لأحداث القبض عليه وصلبه، فالذي يقرأ كتب اليهود لا يجد لعيسى ذكرا، وهذا هو الذي حدا ببعض الغربيين إلى اعتبار عيسى شخصية خرافية فرضية ليست حقيقة واقعة.
وإذا تكلم اليهود عن عيسى وقتله، فليس لأنه مثبت في تواريخهم المأثورة عن آبائهم ومشايخهم، ولكن لأنهم يسمعون ما يقوله المسيحيون عن المسيح فيروون عنهم أحيانا، وإلا فكتبهم خالية من ذلك.
لماذا أهمل اليهود شأن عيسى وذكره في كتبهم؟
الجواب هو أن عيسى عندهم - إن صح وجوده - رجل عادي كفر بدعوتهم فقتلوه، وهم لا يجمعون في كتبهم أخبار كل فرد من الدولة، فهذا رجل انشق فعاقبوه بالقتل، ولا يستحق بعد ذلك أي ذكر.
ويقول الدكتور إسرائيل ولفنسون إن مسألة قتل المسيح كانت موجودة في التلمود ولكن اليهود أخرجوها حتى لا يعثر عليها أحد من الأمم المسيحية التي كان يقيم بها اليهود (1).