تعدد الآلهة وعقيدة التثليث:
أما موضوع تعدد الآلهة فموضوع يكاد يكون عاما في جميع الثقافات القديمة، قال به المصريون القدماء، وقال به الآشوريون والبابليون والفرس والهنود والصينيون واليونان على اختلاف في عدد الآلهة ومكانتهم، واختلاف في تصور صلة الآلهة بعضهم ببعض، أوصلتهم بالبشر (1).
أما التثليث فلعله كان تحديدا لهذا التعدد الذي بولغ فيه أحيانا، ويمكن القول بأن تحديد الآلهة بثلاثة عمل له صلة بعبادة الأبطال، تلك العبادة التي بدأت منذ فجر التاريخ والتي لا يزال لها بقايا في عالمنا الحاضر (2)، وارتباط التثليث بعبادة الأبطال مرجعه أن الجماهير كانت تعبد البطل لعمل رائع قام به، ثم يتخذ البطل له زوجة فتحتل معه مكان الألوهية، وتسجد لهما الجماهير، وينجب الزوجان، ويعين البطل أحد أبنائه ليتولى مكانه فيما بعد، فتسجد له الجماهير أيضا، ويتم بذلك الثالوث.
تلك هي الفكرة الأولى للتثليث، ثم انطلق التثليث فلم يعد يتقيد بهذه الفكرة، وأصبح الثالوث معبودا معروفا لكثير من الأمم.
ولعل البابليين هم أول من قال بالثالوث وذلك في الألف الرابع قبل الميلاد، فقد كان البابليون يدينون بتعدد الآلهة، ولكنهم نظموا هؤلاء الآلهة أثلاثا أي جعلوها مجموعات متميزة المكانة والقدر، كل مجموعة ثلاثة، فكانت المجموعة الأولى على رأس الآلهة وتتكون هذه المجموعة