مشكلة أخرى، هي: كيف انتزع أحد هذه الأقاليم الثلاثة ودخل رحم مريم ثم امتزج بالناسوت وأصبح إنسانا في مظهره؟ إلا يدل ذلك على تعدد ظاهر؟
لأن معبود النصارى لو كان واحدا له أقانيم ثلاثة لما أمكن خروج أحد هذه الأقانيم وحده ونزوله إلى الأرض... ولقد أدرك القس بولس سباط هذا الاعتراض فراح يقرر أن هذا الأقنوم مع نزوله إلى الأرض ظل أقنوما يمثل جانبا في الإله الواحد ولم ينفصل عنه حتى بعد اتحاده بالناسوت (1). وعندي أنه كلام يصعب الاقتناع به.
ألوهية المسيح:
بقي أن نسأل: متى بدأ اعتبار عيسى إلها؟ ومتى بدأ اعتبار روح القدس إلها؟
وقد سبق أن أوردنا إجابة عن السؤال الأول فيما اقتبسناه من كلام Berry و Wells وغيرهما، ولكنا ونحن بصدد إيضاح شامل لهذه المسألة نعود إلى Wells مرة أخرى فنورد عبارته كاملة عن هذا الموضوع، يقول Wells. G. H (كان القديس بولس من أعظم من أنشأوا المسيحية الحديثة وهو لم ير عيسى قط ولا سمعه يبشر الناس، وكان اسم بولس في الأصل شاول، وكان في بادئ الامر من أبرز وأنشط المضطهدين لفئة الحواريين القليلة العدد، ثم اعتنق المسيحية فجأة، وغير اسمه فجعله بولس، وقد أوتي ذلك الرجل قوة عقلية عظيمة، كما كان شديد الاهتمام بحركات زمانه الدينية، فتراه على علم عظيم باليهودية والميتراسية وديانة ذلك الزمان التي تعتنقها الإسكندرية، فنقل إلى المسيحية كثيرا من فكراتهم ومصطلح تعبيرهم، ولم يهتم بتوسيع فكرة عيسى الأصلية وتنميتها، وهي فكرة (ملكوت السماوات) ولكنه علم الناس أن عيسى لم يكن المسيح الموعود فحسب،