لا شك أن في هذا مشابهة عجيبة لتعاليم عيسى الناصري، وإن صب في قالب سياسي، وهكذا اقتربت أفكار (موتى) من مملكة السماء.
ويضيف Wells: وهذا التطابق الجوهري هو أهم سمة تاريخية تجمع بين أسباب هاتين الديانتين العالميتين. فإن بدايتهما كانت مخالفة تمام المخالفة لنحل الكاهن والمذبح والمعبد، وهي تلك النحل المقامة لعبادة آلهة محدودة المعالم، معروفة الحدود، واللاعبة في مراحل تطور الإنسانية الأولى بين 000 ر 15 و 600 ق. م دورا عظيما كل العظم، هاما كل الأهمية، أما هذه الديانات العالمية الجديدة، من 600 ق. م فصاعدا، فهي بالضرورة ديانات القلب والعالم العلوي الشامل، وهي التي جرفت أمامها كل تلك الأرباب المتنوعة المحدودة وخدمت باتجاهها الجديد حاجة الإنسانية، إذ أن المجتمعات الإنسانية قد اندمجت بعضها في بعض لعاملي الخوف والرجاء. وسنرى من فورنا عندما نصل إلى الإسلام أنه حدث للمرة الثالثة أن ظهر ثانية نفس المبدأ الأساسي الجديد، مبدأ الحاجة إلى إخلاص عام من جميع الناس لإرادة واحدة، على أن محمدا اتعظ بما مر بالمسيحية من تجاريب، فكان حاسما باتا في إصراره على أنه هو نفسه ليس إلا بشرا كغيره من الناس، وبذا وقى تعاليمه شر كثير من الفساد والتصحيف (1).
5 - يعتقد المسلمون أن اختفاء إنجيل عيسى كان عملا مقصودا لأن إنجيل عيسى قريب الصلة بالقرآن، كما يعتقدون أن اختفاء هذا الإنجيل مهد للتزيد والحذف والتحريف في تعاليم الديانة المسيحية، فانهارت أسسها وضاعت معالمها كديانة سماوية.
6 - يعتقد المسلمون أن المسيحية بعد المسيح بعدت جدا، أو قل اختلفت كل الاختلاف عن مسيحية المسيح، وبخاصة عندما دخلها بولس أو ادعى دخولها، فحطم اتجاهاتها الصحيحة، وقال فيها بالتثليث، وقال