طبيعة المسيح والآراء حولها إن تقرير ألوهية المسيح لم يكن عملا سهلا، بل كان عملا معقدا، سبب كثيرا من الاختلافات والاتجاهات، لا بين من قالوا به وبين من أنكروه فحسب، بل بين الجماعات التي اتفقت على المبدأ واعتنقته، ثم عادت تفكر فيه، وعلى هذا أوجدت المشكلة مجالا للتفريق بينهم، وقد تحدثنا فيما سبق عن الاختلافات بين من قالوا بألوهية المسيح وبين من أنكروا هذا المبدأ، ونريد هنا أن نتحدث عن الاختلافات التي حصلت بين الطوائف التي اجتمعت حول القول بألوهية المسيح.
وكان مصدر الاختلافات بين هؤلاء هو التفكير في طبيعة المسيح للتوفيق بين الألوهية التي صدر بها قرار وأصبحت بموجبه اعتقادا ملزما، وبين الواقع وهو أن عيسى بن مريم كان يمشي على الأرض، وكان يأكل كما يأكل الناس، ويتحدث كما يتحدثون، وكان على العموم إنسانا في مظهره على الأقل، ومرة أخرى اتخذ المسيحيون المجامع وسيلة للحديث عن طبيعة المسيح كما اتخذوها من قبل وسيلة لإثبات ألوهيته، وسنتحدث فيما يلي عن آراء المسيحيين حول طبيعة المسيح. وأهم الاتجاهات التي اتجهوا إليها في ذلك ثلاثة:
1 - مذهب النسطوريين نسبة إلى نسطور الذي كان بطريرك القسطنطينية سنة 431، ومذهب النساطرة محاولة للعودة إلى التوحيد أو للقرب منه، ويقول نسطور (1) شارحا مذهبه: إن مريم لم تلد إلها، لأن ما يولد من الجسد ليس إلا جسدا، ولأن المخلوق لا يلد الخالق، فمريم ولدت إنسانا ولكن كان آلة للاهوت. وعلى هذا فمريم لا تسمى والدة الإله بل والدة المسيح الإنسان، وقد جاء اللاهوت لعيسى بعد ولادته، أي اتحد عيسى