(ه) وتساهلت شريعة موسى فغضت النظر عن الانتقام وسلمت بسنة العين بالعين، أما المسيح فنصح بقبول الإهانة برباطة جأش، فمن الحمق أن ترد الكيل بالكيل والضربة بالضربة، وإنما الحكمة كل الحكمة أن تبادل بالشر الخير، فإن فعلنا فقد ركمنا جمر نار على هامة المعتدي المسئ. فقال:
(قد سمعتم أنه قيل العين بالعين والسن بالسن، أما أنا فأقول لكم: لا تقاوموا الشرير بل من لطمك على خدك الأيمن فحول له الأيسر) (متي 5: 39).
(و) ونصت شريعة موسى على محبة الأحباء وبغض الأعداء. أما المسيح فقد قال بمحبة الأحباء والأعداء جميعا، فأضاف قوله: (قد سمعتم أنه قيل:
أحبب قريبك وابغض عدوك، أما أنا فأقول لكم أحبوا أعداءكم وأحسنوا إلى من يبغضكم، وصلوا لأجل من يعنتكم ويضطهدكم، لتكونوا بني أبيكم الذي في السماوات لأنه يطلع شمسه على الأشرار والصالحين ويمطر على الأبرار والظالمين) (متي 5: 43 - 44).
(ز) واكتفى الإسرائيليون بإتمام واجبات العدل لينال الإنسان النجاة، أما المسيح فأفهم الناس أن العدل وحده يحجر القلوب إن لم تمازجه دفقة من محبة (لوقا 16: 19 - 20) (1).
ومن الواضح أن هذا ليس تشريعا ولكنه تهذيب وتسامح، ومن الواضح كذلك أن المسيحيين في الغالب لم يتبعوا في سلوكهم هذا الاتجاه، بل لم يقنعوا بالعدالة التي قالت بها التوراة، وراح أكثرهم يستعمرون ويظلمون.
المرحلة الثالثة: الرسل والتشريع:
وبعد عيسى بفترة قصيرة اتضح لقادة المسيحيين أن التشريع اليهودي شق على الأتباع الجدد وبخاصة من غير بني إسرائيل، وكان الختان من أهم ما شق