تقديس الصليب وحمله:
إن تقديس الصليب عند المسيحيين سبق صلب المسيح نفسه، فقد ورد عن المسيح قوله (إن أراد أحد أن يأتي ورائي فلينكر نفسه ويحمل صليبه ويتبعني (1)) ومعنى حمل الصليب عندهم هو الاستهانة بالحياة والاستعداد للموت في أبشع صوره، أي صلبا على خشبة كما يفعل بالمجرمين والآثمين. وقويت فكرة تقديس الصليب بعد صلب عيسى فأصبح أداة تذكر المسيحيين بالتضحية الضخمة التي قام بها المسيح من أجل البشر، ومن العجيب أن الكنيسة التي تعلن الحرب على الأصنام هي بذاتها تقدس صليبا مصنوعا من معدن أو خشب وتوصي بتقديسه (2).
قد يقول المسيحيون إن الصليب ليس إلا رمزا، ونجيبهم أن العرب في جاهليتهم الأولى قالوا عن عبادتهم للأصنام (ما نعبدهم إلا ليقربونا إلى الله زلفى (3)) ومع هذا فقد عيبت عليهم عبادتهم للأصنام مع أنهم كانوا في عهد جاهلية.
ومن الواضح أن هناك علاقة بين تقديس الصليب عند المسيحيين وبين النظم الرومانية التي كانت تجعل حمل الصليب دليلا على صدور الحكم بالإعدام صلبا، فحمل المسيحيون الصليب استعدادا لهذه الحالة، ويقول لوقا في ذلك:
إن التعبير بحمل الصليب مستعار من العادة التي قضت بها الأنظمة الرومانية على المحكوم عليه بالصلب أن يحمله كل يوم.