ولست أدري كيف يتشكك الحواريون في رسالة عيسى مع براهينه الماضية وهم الذين اتبعوه من دون بني إسرائيل؟ وإذا كان هذا شأن الحواريين فكيف يكون شأن العامة؟ ثم لماذا كانت المائدة هي الوسيلة الوحيدة ليصدقوا مع أنها ليست أقوى من إحياء الموتى ولا إبراء الأكمه والأبرص؟
وقبل أن نترك معجزات المسيح نقرر أن المسلمين مع إقرارهم بهذه المعجزات لا يؤيدون ما تذكره الأناجيل عن استعمال هذه المعجزات في الحياة العملية، فالذي يقرأ هذه الأناجيل يلاحظ ملاحظتين هامتين:
1 - تذكر هذه الأناجيل عددا ضخما أحياهم المسيح بعد الموت، أو شفاهم من البرص، أو جعلهم يبصرون بعد العمى، وطبيعة المعجزة غير ذلك، إنها دليل لإثبات النبوة، ومعنى ذلك أنها تستعمل بضع مرات لتحدي البشر حتى يصدقوا، ولكن الذي تذكره هذه الأناجيل غير هذا، إنه أشبه بالتمثيل، يميت الله ويحيي عيسى من أماته الله دائما، ويقضي الله بالعمى فيهب عيسى الإبصار لكل العميان.
2 - من أين هذا العدد الكبير من المرضى والموتى والعميان الذين ذكرت الأناجيل أن معجزات المسيح مستهم؟ حتى ليوشك أن يفوق هذا العدد سكان فلسطين جميعا في ذلك الوقت، وكأن كل السكان مسهم البرص أو العمى.
اتجاه معجزات عيسى:
لماذا اتجهت معجزات المسيح اتجاها طبيا في الغالب؟
أكثر معجزات الرسل تأتي من نوع ما اشتهر من الفكر في عهد كل منهم، وتكون في مستوى أعلى مما يستطيعه الناس، فالسحر كان معجزة موسى، والبلاغة كانت من معجزات محمد، لانتشار السحر في عهد موسى،