تفتخرون في تعظمكم. كل افتخار مثل هذا ردئ، فمن يعرف أن يعمل حسنا ولا يعمل فذلك خطية له (1)).
تلك رسالة فريدة بين رسائل وأناجيل العهد الجديد، وربما كان في أصولها الأولى معارضة واضحة لآراء بولس، ولكن ذلك الشئ اختفى وبقي قائما جانب الوعظ السلبي الهادئ.
والخلاصة الواضحة أن مصادر المسيحية الموجودة الآن هي أو أكثريتها الساحقة من عمل بولس أو من عمل مريديه، وما سوى ذلك فقليل، ويبدو أن يدا لعبت بذلك القليل فتركته لا يؤيد ولا يعارض كما رأينا في رسالة يعقوب وفي إنجيل متي.
بولس والتشريع في المسيحية:
قلنا آنفا إن الرسائل تسمى (الأسفار التعليمية) وقد كتب بولس وحده أربع عشرة رسالة وهي وحدها تمثل في حجمها خمسة أسداس الرسائل جميعا، ويمكن القول دون تردد إن رسائل بولس هي وحدها مصدر التشريع في المسيحية، وإن التشريعات التي وردت في الرسائل الأخرى كانت تكرارا وصدى لآراء بولس وتشريعاته.
وعلى هذا لم يكتف بولس بأن يضع مبادئ المسيحية وشعائرها بل شرع قوانين للمسيحيين يتبعونها في حياتهم العامة، فهو الذي أوصى بما نراه اليوم في الكنائس من التسابيح والأغاني الروحية والمزامير والتراتيل (2)، وهو الذي يقول بعدم وجوب الختان ويدلل على ذلك بقوله (دعي أحد وهو مختون فلا يصير أغلف، ودعي أحد في الغرلة فلا يختن، ليس الختان شيئا وليست الغرلة شيئا بل حفظ وصايا الله (3). ويجيز بولس