واحدة عن أي حكيم من حكمائهم باستنكار استعباد الإنسان لأخيه الإنسان أو للترغيب في تحريره (1).
وقسم الفلاسفة اليونان الجنس البشري قسمين: حر بالطبع ورقيق بالطبع، وقالوا إن الثاني ما خلق إلا لخدمة الأول، وإن عليه أن يقوم بالأعمال الجسمانية ويقوم الجنس اليوناني وهو الحر بالطبع بالأعمال الفكرية والإدارية والمناصب الهامة (2).
وبناء على هذه القاعدة التي وضعها فلاسفة اليونان استباح اليونان لأنفسهم أن يتلصصوا في البحار فيخطفوا من يصادفهم ممن يكونون على الشواطئ والسواحل، فيصبح هؤلاء المخطوفون أرقاء مستعبدين للجنس اليوناني (3).
ويرى أفلاطون في الجمهورية الفاضلة حرمان العبيد حق المواطنة، وإجبارهم على الطاعة والخضوع للأحرار من سادتهم (4).
ويوافقه تلميذه أرسطو على ذلك فهو يجعل كلمة (المواطن) مرادفة لكلمة (حر) ويرى أن وظيفة العبيد تحصيل الثروة الضرورية للأسرة والقيام على خدمتها، ذلك لأن (المواطن) حبته الطبيعة ذكاء وشجاعة، فبنى لنفسه مدينة وتفرغ لسياستها وخصص حياته لخدمتها في السلم والحرب، فلا يتسع وقته للعناية بشؤون معاشه، وتأبى عليه كرامته أن يتنزل للأعمال اليدوية يزاولها فيشوه يديه وخلقته، ويظهر وضيعا، فكان لا بد له أن يجد من يتكفل بذلك دونه، وقد أوجدت الطبيعة شعوبا قليلة الذكاء أقوياء البنية، فقدمت له منها آلات للحياة، هي آلات حية، وأولئك هم العبيد (5).