السلاسل، وفيهم أبو بكر وعمر، فلما انتهوا إلى مكان الحرب، أمرهم عمرو أن لا ينوروا نارا، فغضب عمر بن الخطاب، وهم أن ينال منه، فنهاه أبو بكر وأخبره أنه لم يستعمله رسول الله عليك إلا لعلمه بالحرب، فهدأ عنه عمر (1).
وقد كتب عمر بن الخطاب إلى عمرو بن العاص وكان عامله على مصر: من عبد الله عمر بن الخطاب إلى عمرو بن العاص: سلام عليك، فإنه بلغني أنه فشت لك فاشية من خيل وإبل وغنم وبقر وعبيد، وعهدي بك قبل ذلك أن لا مال لك، فاكتب إلي من أين أصل هذا المال؟ ولا تكتمه.
فكتب إليه عمرو بن العاص: إلى عبد الله أمير المؤمنين سلام عليك فإني أحمد إليك الله الذي لا إله إلا هو، أما بعد: فإنه أتاني كتاب أمير المؤمنين يذكر فيه ما فشا لي وإنه يعرفني قبل ذلك لا مال لي، وإني أعلم أمير المؤمنين أني في أرض السعر فيها رخيص، وإني أعالج من الحرفة والزراعة ما يعالج أهله، وفي رزق أمير المؤمنين سعة، والله لو رأيت خيانتك حلالا ما خنتك، فاقصر أيها الرجل، فإن لنا أحسابا، هي خير من العمل لك، إن رجعنا إليها عشنا بها، ولعمري إن عندك من تذم معيشته ولا تذم له، فأنى كان ذلك، ولم يفتح قفلك ولن نشركك في عملك.
فكتب إليه عمر: أما بعد: فإني والله ما أنا من أساطيرك التي تسطر، ونسقك الكلام في غير مرجع لا يغني عنك أن تزكي نفسك، وقد بعثت إليك محمد بن مسلمة، فشاطره مالك، فإنكم أيها الأمراء، جلستم على عيون المال لم يزعجكم عذر، تجمعون لأبنائكم، وتمهدون لأنفسكم، أما إنكم تجمعون العار وتورثون النار والسلام. فلما قدم عليه محمد بن مسلمة، صنع له عمرو طعاما كثيرا، فأبى محمد بن مسلمة أن يأكل منه شيئا، فقال له عمرو: أتحرمون طعامنا؟