ولما رحل عمرو بن العاص إلى معاوية قال ابنه عبد الله بن عمرو: بال الشيخ على عقبيه، وباع دينه بدنياه (1). وقال عتبة بن أبي سفيان لمعاوية:
أعط عمرا إن عمرا تارك * دينه اليوم لدنيا لم تحز وبعد خروج عمرو من رحل معاوية سأله ابناه: ما صنعت؟ قال: أعطانا مصر. قالا: وما مصر في ملك العرب. قال: لا أشبع الله بطونكما إن لم يشبعكما مصر (2).
وقال عمار لابن العاص: بعت دينك بمصر، تبا لك، وطالما بغيت الإسلام عوجا، والله ما قصدك وقصد عدو الله ابن عدو الله بالتعلل بدم عثمان إلا الدنيا (3).
ذكر ابن أبي الحديد المعتزلي أن المعتزلة تصف عمرو بن العاص ومعاوية بن أبي سفيان بالإلحاد (4)، ونقل أبو يعلى قائلا: كنا مع النبي (صلى الله عليه وآله) فسمع صوت غناء، فقال: انظروا، فصعدت فنظرت، فإذا معاوية وعمرو بن العاص يتغنيان، فجئت فأخبرت النبي (صلى الله عليه وآله) فقال: اللهم أركسهما في الفتنة ركسا، اللهم دعهما إلى النار دعا.
وقد أخرج الحديث أحمد بن حنبل، وأيده السيوطي، وقال: وله شاهد من حديث ابن عباس أخرجه الطبراني في الكبير عنه قائلا: سمع النبي (صلى الله عليه وآله) صوت رجلين يتغنيان وهما يقولان:
ولا يزال جوادي تلوح عظامه * ذوي الحرب عنه أن يجن فيقبرا فسأل عنهما فقيل له: معاوية وابن العاص فقال (صلى الله عليه وآله): اللهم أركسهما في الفتنة ركسا، ودعهما إلى النار دعا.