جارية بكر بين أبويها، فأرضينا أبويها وجعلنا عليها من الثياب والحلي أفضل ما يكون، ثم ألقيناها في هذا النيل.
فقال لهم عمرو: إن هذا لا يكون أبدا في الإسلام، وإن الإسلام يهدم ما كان قبله، فأقاموا والنيل لا يجري قليلا ولا كثيرا حتى هموا بالجلاء، فلما رأى ذلك عمرو كتب إلى عمر بن الخطاب بذلك، فكتب له أن قد أصبت بالذي قلت، وإن الإسلام يهدم ما كان قبله، وبعث بطاقة داخل كتابه، وكتب إلى عمرو: إني قد بعثت إليك ببطاقة في داخل كتابي فألقها في النيل، فلما قدم كتاب عمر إلى عمرو بن العاص أخذ البطاقة ففتحها، فإذا فيها: من عبد الله عمر بن الخطاب أمير المؤمنين إلى نيل مصر، أما بعد فإن كنت تجري من قبلك فلا تجر، وإن كان الله يجريك فاسأل الواحد القهار أن يجريك، فألقى البطاقة في النيل قبل الصليب بيوم، فأصبحوا وقد أجراه الله تعالى ستة عشر ذراعا في ليلة واحدة، فقطع الله تلك السنة عن أهل مصر إلى اليوم (1).
يا للعجب لنهر النيل وذكورته كيف يأخذ البنات ولا يرضى دون البكر!
وتصوره القاص الأموي في صورة رجل شبق إلى النساء، يتعامل مع الناس معاملة سيئة، فهو لا يجري إن لم يعطوه امرأة، وإذا كان النيل لا يرضى إلا بالنساء الباكرات فما بال نهر دجلة والفرات والسند ومئات الأنهار في العالم لم يطلبن ما طلبه النيل؟ أم أن تلك الأنهار إناث والنيل وحده ذكر؟!
لقد عشت ردحا من الزمن بين النهر الأزرق والأصفر فلم أسمع أساطير، مثلما سطر عن النيل؟!
وقد أكثر الأمويون لمدح أبي بكر وعمر وعثمان حسدا منهم لأهل بيت محمد (صلى الله عليه وآله) فقد جاء في الحديث بأن الله أرسل جبرائيل إلى أبي بكر يسأله: أراضي