سئل الإمام الباقر (ع): لم سمي البيت عتيقا؟ فقال " هو بيت حر عتيق من الناس لم يملكه لأحد " الكافي ج 4 ص 189.
ومن الطبيعي أيضا للرسالة الإلهية الخاتمة أن ترشد الناس للتوجه إلى هذا البيت ما دام هو المنطلق أولا والمنطلق أخيرا والملتقى فيها بين ذلك.
كذلك شاء المخطط الإلهي للرسالة أن تتجمع روافدها من أرض كنعان وبابل والخليل والقدس وسيناء وبيت لحم ونينوى.. في هذا المركز العتيق المقدس والمنبع الأول والأخير ليكون قبلة المراكز كما كان محج الأنبياء.
ولأسباب اختبارية صرفة لم يفرض الله عز وجل التوجه إلى مكة في أول فرائض الإسلام، بل أمر الرسول صلى الله عليه وآله والمسلمين وهم في مكة أن يتجهوا إلى بيت المقدس، فكان الرسول وهو في مكة يجمع بين الاتجاهين فيصلي قبالة المسجد والقدس معا. وكان هذا الأمر الإلهي في التوجه إلى القدس الشريفة اختبارا للمشركين المكيين الذين يعتبرون البيت العتيق مجدا عنصريا وإقليميا ويأنفون أن يعترفوا بالقداسة لبقعة أخرى من الأرض. ثم كان اختبارا لليهود والنصارى في المدينة وما حولها عند ما نزل الوحي بتحويل القبلة عن القدس التي يعتبرونها بدورهم مجدا عنصريا وإقليميا ويرفضون الاعتراف بهذه القداسة لبقعة أخرى من الأرض.
يصف لنا الله عز وجل حالة الرسول صلى الله عليه وآله حينما كثرت أقاويل اليهود ولغطهم بأن محمدا ما دام تابعا (لقبلتهم) فما عليه إلا أن يتبع (دينهم) وكيف توجه الرسول في هذه الفتنة إلى الله عز وجل وأخذ يقلب وجهه في السماء منتظرا وعده السابق بتحويل القبلة ومتفكرا أتكون القبلة التي يختارها عز وجل مكة؟ أم بقعة أخرى يشاؤها سبحانه؟ فيأتي الوحي حكيما حاسما:
(سيقول السفهاء من الناس ما ولاهم عن قبلتهم التي كانوا عليها. قل: لله المشرق والمغرب، يهدي من يشاء إلى صراط مستقيم. وكذلك جعلناكم أمة وسطا لتكونوا شهداء على الناس ويكون الرسول عليكم شهيدا وما جعلنا القبلة التي كنت عليها إلا لنعلم من يتبع الرسول ممن ينقلب على عقبيه، وإن