يد الإنسان على مكنون نفسه وأسرار محيطه وحقائق حياته.. ومنها ما ينزل على هذا الغافل خطابا منصبا من أعلى السماوات. ومنها ما يقرع أعماق هذا الناسي وجلده بالمقارع. وما يتذكر إلا من ينيب.
وليست معالجة حالة هذا " النسيان الأكبر " من صلب حديثنا عن الصلاة، فالصلاة يأتي دورها في معالجة " النسيان السلوكي " الذي يتعرض له الإنسان بعد تذكره العقيدي وإيمانه بالله تعالى ورسوله واليوم الآخر، فيعرض عن تطبيق شريعته و " ينسى " أوامر الله ونواهيه في سلوكه. أي أن دور الصلاة هو في معالجة حالة الانحراف في المسلمين أو الوقاية منها ما شئت فعبر وهو دور هام جدا لأن الانتقال من الكفر إلى الإسلام، من حالة النسيان الكبرى إلى التذكر العقيدي، يبقى انتقالا شكليا ما لم يتم معه التذكر السلوكي.
إذا نظرنا إلى المجتمع الإسلامي نجد أن الضمانات النسبية التي يعتمدها الإسلام لتطبيق أحكامه وقوانينه متفوقة في الكم والنوعية على الضمانات التي تعتمدها كل المبادئ المعروفة بما فيها أحدث المبادئ والتشريعات في إقامة المجتمعات والدول.
فهناك ضمانة السلطة، ففي الحديث الشريف " أما أنه لا بد للناس من سلطان، وأن الله ليزع بالسلطان ما لا يزع بالقرآن.. " وهذه الضمانة مشتركة في أصلها بين الإسلام وغيره.
وهناك ضمانة ضمير التقوي في المسلم، ويقابلها في المبادئ الأخرى ما تستطيع أن تحققه في نفس أفرادها من ضمير بقيمها إن كانت، وبقايا الفطرة.
وهناك ضمانة المجتمع، المتمثلة بفريضة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر التي يتفرد بها الإسلام، والتي هي مشاركة شعبية كاملة ومسؤولية عن سلوك الدولة والأفراد.
هذه الضمانات النسبية الثلاث تشكل أجواء هامة تحيط بالإنسان المسلم فتعالج فيه حالة " النسيان السلوكي " وتذكره بالسلوك القويم. ولكن موقع الصلاة من هذه الضمانات كما تدلنا نصوص الإسلام يأتي في القلب منها