بنظريته في الاستذكار والمثل. ومحصل هذه النظرية أن الإنسان كان قبل وجوده على الأرض يعيش في عالم مجرد غير مادي هو عالم المثل، وكان وعيه واستحضاره للأشياء والأفكار كاملا، ولكنه بهبوط روحه وحلولها في الجسد يفقد معلوماته دفعة واحدة. ثم يبدأ باستعادة بعض معلوماته وتذكرها.
وقد أخذ بهذه الفرضية أكثر الفلاسفة المسلمين، ما عدا صدر المتألهين الشيرازي قدس سره الذي توصل إلى نظرية الحركة الجوهرية الشهيرة القاضية بأن روح الإنسان وجسده مخلوقان من التراب وقد مرا بحركة داخلية في جوهرهما وافترقا في نوع النمو والتطور فخرجت النفس عن قواعد المادة المعروفة وبقي الجسم خاضعا لهذه القواعد، ولكنهما بقيا مؤتلفين منسجمين.
وهذه النظرية في وحدة أصل الروح والجسد المنسجمة مع آيات القرآن الكريم في خلق الإنسان من تراب تقضي بأن المعلومات تحدث للإنسان بتوفر شروطها من نمو الجسد والنفس، وليست استرجاعا واستذكارا لما كان يعلمه من قبل (والله أخرجكم من بطون أمهاتكم لا تعلمون شيئا وجعل لكم السمع والأبصار والأفئدة لعلكم تشكرون) النحل 78.
3 النسيان بالمعنى القرآني: وقد ورد استعمال النسيان في القرآن الكريم بالمعنى العرفي المتقدم كقوله تعالى: (واذكر ربك إذا نسيت) (لا يضل ربي ولا ينسى).
لكنا نقصد بالمعنى القرآني المعنى الآخر للنسيان الذي وردت الآيات الكريمة في ذمه والنهي عنه والتحذير من العقاب الخطير الذي يترتب عليه.
قال الله عز وجل.
(ولا تكونوا كالذين نسوا الله فأنساهم أنفسهم) 19 الحشر.
(ومن أظلم ممن ذكر بآيات ربه فأعرض عنها ونسي ما قدمت يداه).
57 - الكهف.
(كذلك أتتك آياتنا فنسيتها وكذلك اليوم تنسى) 126 طه.
(فذوقوا بما نسيتم لقاء يومكم هذا) 34 الجاثية.