حديث الطلب والإرادة - محمد المحمدي الجيلاني - الصفحة ٥٣
الفصل الثاني: في إبطال المذهبين أما التفويض، فلأن استقلال موجود في الإيجاد إنما يعقل إذا سدت العلة جميع الأعدام الممكنة على المعلول، وإلا لم يكن مستقلا في الإيجاد. فإذا توقف وجود المعلول على ألف شرط وكان في قدرة الفاعل إيجاد ما عدا واحد منها. فسد عدم المعلول من ناحية ما عدا الواحد منها لم يكن علة تامة مستقلة ولا فاعلة بالاستبداد. وهذه المقدمة ضرورية لا تفتقر إلى الإثبات. ومن الأعدام الممكنة على المعلول عدمه بعدم فاعله ومقتضيه، وليس في شأن ممكن من الممكنات - جردا كان أو ماديا - سد هذا العدم، وإلا لانقلب الإمكان إلى الوجوب والممكن بالذات إلى الواجب بالذات [17].
[17] يريد أن يبين امتناع استقلال الموجود الممكن بالذات في الإيجاد، وأنه لا يمكن لشئ من الموجودات أن يكون فاعلا تاما ومستقلا في الإيجاد إلا الله المتعالي.
وذلك لأن أحد النقيضين لا ينصبغ بالوجوب إلا بامتناع النقيض الآخر بجميع أنحائه، وهو المعنى بقولهم: " الشئ ما لم يجب لم يوجد " فإذا كان فاعل الوجود ممكنا بالذات - مجردا كان أو غيره - كان عدمه ممكنا لا محالة.
ومن أنحاء عدم المعلول انتفاؤه بانتفاء علته، ومن المستحيل أن يجعل الشئ عدمه الممكن بالذات ممتنعا، فإذن انتفاء المعلول بانتفاء علته الممكنة لا يعقل أن يصير ممتنعا، فلا ينصبغ بالوجوب.
فليس في سنة الفاعل الممكن - أي فاعل كان - سد هذا العدم، وإلا انقلب ما فرضناه ممكنا واجبا بالذات.
(٥٣)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 48 49 50 51 52 53 54 55 56 57 58 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 مقدمة الناشر 3
2 المقدمة 9
3 في وصف المتكلم 14
4 فساد قول المعتزلة 17
5 شك ودفع: في وحدة إرادة الله وعلمه 21
6 تنبيه عرشي 23
7 فساد قول الأشاعرة 25
8 المطلب الأول ما هو المهم مما استدل به الأشعري على مطلوبه الأمر الأول: ثبوت الطلب نفسي في الأوامر الامتحانية 27
9 الأمر الثاني: حول تكليف الكفار 41
10 إيقاظ 44
11 الفصل الأول: في عنوان المسألة 47
12 الفصل الثاني: في إبطال المذهبين 53
13 الفصل الثالث: في بيان المذهب الحق 65
14 تنبيه: في شرك التفويضي وكفر الجبري 70
15 إرشاد: في استناد الأفعال إلى الله 78
16 تمثيل 82
17 تمثيل أقرب 82
18 تأييدات نقلية 83
19 الآيات 83
20 الروايات 86
21 الفصل الرابع: في ذكر بعض الشبهات الموردة ودفعها 96
22 حول إرادية الإرادة 96
23 تحقيق يندفع به الإشكال 101
24 تنبيه 106
25 حول قاعدة: الشئ ما لم يجب لم يوجد 107
26 حول علم الله تعالى واختيار الإنسان 117
27 المطلب الثاني في بيان حقيقة السعادة والشقاوة الأمر الأول: حول قاعدة " الذاتي لا يعلل " 124
28 الأمر الثاني: في فقر وجود الممكنات وعوارضه ولوازمه 129
29 الأمر الثالث: استناد الكمالات إلى الوجود 132
30 الأمر الرابع: في معنى السعادة والشقاوة 132
31 التحقيق: كون السعادة والشقاوة كسبيتين 134
32 المطلب الثالث في شمة من اختلاف خلق الطينات منشأ اختلاف النفوس 142
33 تنبيه حول مفاد بعض الأحاديث 159
34 خاتمة حول فطرة العشق إلى الكمال والتنفر عن النقص 162