حديث الطلب والإرادة - محمد المحمدي الجيلاني - الصفحة ٤٤
إيقاظ اعلم: أن الكلام بما هو كلام أمر وضعي اعتباري لا وجود له إلا في حوزة الاعتبار، وقد دعت الحاجة الاجتماعية إلى اعتبار الدلالة للألفاظ ووضعها لتكون محامل المعاني في المخاطبات والمحاورات والمكاتبات، فاللفظ الدال على المعنى له وجود اعتباري لمعناه، والتكلم إيجاد اعتباري للمعنى الذي في ضمير المتكلم لتفهيم من قصد إفهامه.
فعلى هذا: يشكل إسناد الكلام بهذا المعنى إلى الله سبحانه، فإنه - عز وجل - هو الذي ينتهي إليه سلسلة العلية والإيجاد، وقد تبين في العلم الأعلى: أن العلية والإيجاد إنما هي في الوجود الحقيقي، وأما غير الوجود الحقيقي فهو منعزل عن العلية. فكل ممكن متلبس بالوجود الحقيقي فهو معلول منته إلى الله القيوم، وينعكس بعكس النقيض إلى أن ما لا وجود حقيقي له فليس بمعلول ولا منته إلى الجاعل القيوم المتعالي.
فالأمور الاعتبارية المحضة طرا منعزلة عن الاستناد إلى الله - عز وجل - فإن وجودها - كما نبهنا عليه - لا يتجاوز ظرف الاعتبار والافتراض المضطر إليه العيشة الاجتماعية.
قال شيخنا الأستاذ صالح المتألهين، العلامة الطباطبائي (قدس سره) في " تفسير الميزان " جوابا عن الإشكال المزبور: والذي تحل به العقدة أنها وإن كانت عارية عن الوجود الحقيقي إلا أن لها آثارا هي الحافظة لأسمائها - كما مر مرارا - وهذه الآثار أمور حقيقية مقصودة بالاعتبار، ولها نسبة إليه تعالى، فهذه النسبة هي المصححة لنسبتها.
فالملك الذي بيننا أهل الاجتماع وإن كان أمرا اعتباريا وضعيا لا نصيب لمعناه من الوجود الحقيقي وإنما هو معنى متوهم لنا جعلناه وسيلة إلى البلوغ إلى آثار خارجية، لم يكن يمكننا البلوغ إليها لولا فرض هذا المعنى الموهوم وتقديره، وهي قهر المتغلبين وأولي السطوة والقوة من أفراد الاجتماع الواثبين على حقوق الضعفاء والخاملين، ووضع
(٤٤)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 39 40 41 42 43 44 45 46 47 48 49 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 مقدمة الناشر 3
2 المقدمة 9
3 في وصف المتكلم 14
4 فساد قول المعتزلة 17
5 شك ودفع: في وحدة إرادة الله وعلمه 21
6 تنبيه عرشي 23
7 فساد قول الأشاعرة 25
8 المطلب الأول ما هو المهم مما استدل به الأشعري على مطلوبه الأمر الأول: ثبوت الطلب نفسي في الأوامر الامتحانية 27
9 الأمر الثاني: حول تكليف الكفار 41
10 إيقاظ 44
11 الفصل الأول: في عنوان المسألة 47
12 الفصل الثاني: في إبطال المذهبين 53
13 الفصل الثالث: في بيان المذهب الحق 65
14 تنبيه: في شرك التفويضي وكفر الجبري 70
15 إرشاد: في استناد الأفعال إلى الله 78
16 تمثيل 82
17 تمثيل أقرب 82
18 تأييدات نقلية 83
19 الآيات 83
20 الروايات 86
21 الفصل الرابع: في ذكر بعض الشبهات الموردة ودفعها 96
22 حول إرادية الإرادة 96
23 تحقيق يندفع به الإشكال 101
24 تنبيه 106
25 حول قاعدة: الشئ ما لم يجب لم يوجد 107
26 حول علم الله تعالى واختيار الإنسان 117
27 المطلب الثاني في بيان حقيقة السعادة والشقاوة الأمر الأول: حول قاعدة " الذاتي لا يعلل " 124
28 الأمر الثاني: في فقر وجود الممكنات وعوارضه ولوازمه 129
29 الأمر الثالث: استناد الكمالات إلى الوجود 132
30 الأمر الرابع: في معنى السعادة والشقاوة 132
31 التحقيق: كون السعادة والشقاوة كسبيتين 134
32 المطلب الثالث في شمة من اختلاف خلق الطينات منشأ اختلاف النفوس 142
33 تنبيه حول مفاد بعض الأحاديث 159
34 خاتمة حول فطرة العشق إلى الكمال والتنفر عن النقص 162