شك ودفع: [في وحدة إرادة الله وعلمه] ربما يقال (1): إن إرادته لا يمكن أن تكون عين علمه تعالى، لأنه يعلم كل شئ، ولا يريد شرا ولا ظلما ولا شيئا آخر من القبائح، فعلمه متعلق بكل شئ دون إرادته، فعلمه غير إرادته، وعلمه عين ذاته، فيجب أن تكون إرادته غير ذاته. فهو يريد لا بإرادة ذاتية، وعا لم بعلم ذاتي.
وهو مدفوع بما في مسفورات أئمة الفلسفة (2) من أن إفاضة الخيرات غير منافية لذات الجواد المطلق، بل اختيارها لازم ذاته. وكون إفاضة الخيرات مرضيا بها بحسب ذاته هو معنى إرادته. ووزان الإرادة المتعلقة بالخيرات بالإضافة إلى العلم وزان السمع والبصر، فإنهما عين ذاته تعالى مع أنهما متعلقان بالمسموعات والمبصرات.
فذاته تعالى علم بكل معلوم، وسمع بكل مسموع، وبصر بكل مبصر.
وكذلك الإرادة الحقة مع كونها متعلقة بالخيرات عين ذاته [6].
ولنا مسلك آخر في دفعه نشير إليه إجمالا، والتفصيل - كالبرهان عليه - موكول إلى محله، وهو: أن العلم الذي هو عين ذاته تعالى - وهو كشف تفصيلي في عين البساطة والوحدة - حقيقته حقيقة الوجود الصرف الجامع لكل وجود بنحو الوحدة والكشف التام المتعلق بتبع كشفه عن الأشياء إنما هو كشف عن الوجود بما هو وجود بالذات.
[6] قال في " القبسات ": هذه شبهة قد استحصفها شيخنا الأقدم، رئيس المحدثين، أبو جعفر محمد بن يعقوب الكليني - رضوان الله تعالى عليه - في جامعه " الكافي " فجعلها حجة واحتج بها على إثبات أن الإرادة القيومية الوجوبية زائدة