[فساد قول الأشاعرة] كما أن ما ذهب إليه الأشاعرة، من قيام الصفات بذاته - ومنها الكلام - باطل، فإن القيام الحلولي مستلزم للقوة والنقص والتركيب، تعالى عنه. كما أن خلو الذات عن صفات الكمال مستلزم لذلك، ولكونه تعالى ذا ماهية، ولانقلاب الوجوب الذاتي إلى الإمكان، إلى غير ذلك من المفاسد.
نعم، هو تعالى متكلم بوجه آخر - حتى في مرتبة ذاته - يعرفه الراسخون في الحكمة - ولو أطلق على ذلك الكلام النفسي فلا مشاحة فيه - ولكن الأشعري لا يستشعره، وأفهام أصحاب الكلام من المعتزلة والأشاعرة بعيدة عن طور هذا الكلام، والإعراض عنه أولى [8].
[8] قال سيدنا الأستاذ صالح المتألهين العلامة الطباطبائي (قدس سره) في " تفسير الميزان ": هل الكلام بما هو كلام فعل أو صفة ذاتية... من الممكن أن يحلل الكلام من جهة غرضه، وهو الكشف عن المعاني المكنونة.
إلى أن قال: فحقيقة الكلام هو ما يكشف به عن مكنونات الضمير، فكل معلول كلام لعلته، لكشفه بوجوده عن كمالها المكنون في ذاتها.
وأدق من ذلك: أن صفات الشئ الذاتية كلام له يكشف به عن مكنون ذاته، وهذا هو الذي يذكر الفلاسفة أن صفاته تعالى الذاتية - كالعلم والقدرة والحياة - كلام له تعالى، وأيضا العالم كلامه تعالى، انتهى (الميزان 14، ص 248).