[الأمر الثاني: حول تكليف الكفار] ومن متمسكات الأشاعرة (1) لإثبات اختلاف الطلب والإرادة أنه يلزم بناء على اتحادهما في تكليف الكفار بالإيمان بل مطلق أهل العصيان إما أن لا يكون تكليف جدي وهو فاسد بالضرورة، أو تخلف إرادته تعالى عن مراده وهو أفسد. وحيث لا بد في هذه التكا ليف من مبدأ ولا يمكن أن يكون الإرادة، وليس شئ آخر مناسبا للمبدئية غير الطلب، فهو مبدأ.
وبعبارة أخرى لو كانت الإرادة الواجبة مبدأ للطلب اللفظي لزم حصول المطلوب بالضرورة لامتناع تخلف إرادته تعالى عن مراده. ولما رأينا التخلف علمنا أن المبدأ غيرها، ولم يكن غير الطلب صالحا لها، فهو المبدأ، ويكون سائر الموارد أيضا كذلك.
وأجاب عنه المحقق الخراساني (رحمه الله) (2) عنه بكلام مجمل، ثم أردفه ب " إن قلت قلت "، حتى انتهى الأمر إلى عويصة الجبر والتفويض، وأجاب عنها بما يزيد الإشكال. فلا محيص عن طرح المسألة على ما هي عليها وبيان الحق فيها إجمالا فيتم الكلام في ضمن فصول [15]:
[15] قال المحقق المذكور - رضوان الله تعالى عليه - في " الكفاية " في دفع هذا المستمسك للأشاعرة: أما الدفع فهو أن استحالة التخلف إنما تكون في الإرادة التكوينية، وهو العلم بالنظام على النحو الكامل التام، دون الإرادة التشريعية، وهو العلم بالمصلحة في فعل المكلف. وما لا محيص عنه في التكليف إنما هو هذه الإرادة التشريعية لا التكوينية، فإذا توافقتا فلا بد من الإطاعة والإيمان، وإذا تخالفتا فلا محيص عن أن يختار