[الأمر الثالث: استناد الكمالات إلى الوجود] إن الماهيات الإمكانية بما أنها أمور اعتبارية لا حقيقة لها لا تكون ذات أثر واقتضاء بالذات، ولزوم اللوازم لها ليس بمعنى اقتضائها لها بل بمعنى عدم انفكاكها عنها من غير تأثير وتأثر. كيف؟! وما ليس بموجود لم يثبت له ذاته وذاتياته فضلا عن ثبوت اقتضاء وتأثير وتأثر له مما هو من الحيثيات الوجودية. فالماهيات خلو عن كل كمال وجمال وخير وسعادة. فماهية العلم لا تكشف عن الواقع ولا تكون كمالا، وكذا ماهية القدرة والحياة وغيرهما. وإنما الكمال والخير والجمال والسعادة كلها في الوجود وبالوجود، وهو مبدأ كل خير وكمال وشرف، والعلم بوجوده شرف وشريف. وكذا سائر الكما لات والفضائل كلها ترجع إلى الوجود ومبدأ الوجود، وصرفه مبدأ كل كمال وصرفه، والوجودات الخاصة الإمكانية لها آثار وخواص وكمال وشرف بقدر حظها من الوجود، ولماهياتها آثار وخواص وكمال بالعرض وبتبع وجوداتها.
وهذه المذكورات من الأصول المبرهنة تركنا براهينها حذرا من التطويل.
[الأمر الرابع: في معنى السعادة والشقاوة] السعادة لدى العرف والعقلاء عبارة عن جميع موجبات اللذة والراحة وحصول وسائل الشهوات والأميال وتحقق ملائمات النفس بقواها دائما أو غالبا، والشقاء مقابلها. فمن حصل له موجبات لذات النفس وكان في روح وراحة بحسب جميع قوى النفس دائما يكون سعيدا مطلقا، وبحذائه الشقي