حديث الطلب والإرادة - محمد المحمدي الجيلاني - الصفحة ١٦٢
خاتمة [حول فطرة العشق إلى الكمال والتنفر عن النقص] اعلم: أن الله تعالى وإن أفاض على المواد القابلة ما هو اللائق بحالها من غير ضنة وبخل - والعياذ بالله - ولكنه تعالى فطر النفوس سعيدها وشقيها، خيرها وشريرها على فطرة الله، أي العشق بالكمال المطلق فجبلة النفوس بقضها وقضيضها إلى الحنين إلى كمال لا نقص فيه وخير لا شر فيه ونور لا ظلمة فيه، وعلم لا جهل فيه، وقدرة لا عجز فيها.
وبالجملة: الإنسان بفطرته عاشق الكمال المطلق، وتبع هذه الفطرة فطرة أخرى فيها، هي فطرة الانزجار عن النقص أي نقص كان.
ومعلوم: أن الكمال المطلق والجمال الصرف والعلم والقدرة وسائر الكما لات على نحو الإطلاق بلا شوب نقص وحد لا يوجد إلا في الله تعالى، فهو هو المطلق وصرف الوجود وصرف كل كمال وجمال، والإنسان عاشق جمال الله تعالى ويحن إليه وإن كان من الغافلين.
وفسرت الفطرة في الروايات بفطرة المعرفة والتوحيد (1) * (ألا بذكر الله تطمئن القلوب) * (2) وإليه المرجع والمآب والمصير وهو تعالى غاية الغايات ونهاية المآرب، فهو تعالى بلطفه وعنايته فطر الناس على هاتين الفطرتين: الفطرة الأصلية التي هي فطرة العشق بالكمال المطلق، والفطرة التبعية التي هي الانزجار عن النقص، لتكونا براق سيره ورفرف معراجه إلى الله، وهما جناحان يطير بهما إلى وكره الذي هو فناء الله وجنابه.
وقد فصلنا أحكام الفطرة في بعض الرسائل والكتب (3)، سيما فيما كتبنا سابقا في شرح " جنود العقل والجهل " (4) وقد جف قلمي في خلال شرحه ولم يشملني إلى الآن التوفيق منه تعالى لإتمامه وابتلاني الله تعالى وله

١ - الكافي ٢: ١٢، باب فطرة الخلق على التوحيد، التوحيد: 328 - 331.
2 - الرعد (13): 28.
3 - أنظر شرح چهل حديث، الإمام الخميني (قدس سره): 179 / 11، آداب الصلاة: 59 - 61 و 116 - 119.
4 - شرح حديث جنود عقل وجهل: 73 - 82 و 98 - 103، وفصل في مواردها وتطبيقاتها عند البحث عن فصول الكتاب.
(١٦٢)
مفاتيح البحث: الجهل (2)، الصّلاة (1)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 157 158 159 160 161 162 163 164 165 166 167 » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 مقدمة الناشر 3
2 المقدمة 9
3 في وصف المتكلم 14
4 فساد قول المعتزلة 17
5 شك ودفع: في وحدة إرادة الله وعلمه 21
6 تنبيه عرشي 23
7 فساد قول الأشاعرة 25
8 المطلب الأول ما هو المهم مما استدل به الأشعري على مطلوبه الأمر الأول: ثبوت الطلب نفسي في الأوامر الامتحانية 27
9 الأمر الثاني: حول تكليف الكفار 41
10 إيقاظ 44
11 الفصل الأول: في عنوان المسألة 47
12 الفصل الثاني: في إبطال المذهبين 53
13 الفصل الثالث: في بيان المذهب الحق 65
14 تنبيه: في شرك التفويضي وكفر الجبري 70
15 إرشاد: في استناد الأفعال إلى الله 78
16 تمثيل 82
17 تمثيل أقرب 82
18 تأييدات نقلية 83
19 الآيات 83
20 الروايات 86
21 الفصل الرابع: في ذكر بعض الشبهات الموردة ودفعها 96
22 حول إرادية الإرادة 96
23 تحقيق يندفع به الإشكال 101
24 تنبيه 106
25 حول قاعدة: الشئ ما لم يجب لم يوجد 107
26 حول علم الله تعالى واختيار الإنسان 117
27 المطلب الثاني في بيان حقيقة السعادة والشقاوة الأمر الأول: حول قاعدة " الذاتي لا يعلل " 124
28 الأمر الثاني: في فقر وجود الممكنات وعوارضه ولوازمه 129
29 الأمر الثالث: استناد الكمالات إلى الوجود 132
30 الأمر الرابع: في معنى السعادة والشقاوة 132
31 التحقيق: كون السعادة والشقاوة كسبيتين 134
32 المطلب الثالث في شمة من اختلاف خلق الطينات منشأ اختلاف النفوس 142
33 تنبيه حول مفاد بعض الأحاديث 159
34 خاتمة حول فطرة العشق إلى الكمال والتنفر عن النقص 162