الكفر والعصيان.
ثم أردفه: ب " إن قلت... قلت... " إلى أن بلغ كلامه إلى أن الشقاوة والسعادة ذاتيتان، وأن " السعيد سعيد في بطن أمه والشقي شقي في بطن أمه "، و " الناس معادن كمعادن الذهب والفضة " كما في الخبر، والذاتي لا يعلل.
فانقطع سؤال أنه لم جعل السعيد سعيدا والشقي شقيا؟ فإن السعيد سعيد بنفسه والشقي شقي كذلك، وإنما أوجدهما الله تعالى. " قلم اينجا رسيد سر بشكست "، قد انتهى الكلام في المقام إلى ما ربما لا يسعه كثير من الأفهام، ومن الله الرشد والهداية، وبه الإعتصام (كفاية الأصول 1، ص 99).
أقول: سيمر بك في مستقبل البحث كشف القناع عن حقيقة السعادة والشقاوة في بيان الأستاذ الإمام - جزاه الله تعالى عن المعارف والفقاهة أحسن الجزاء - وهناك يعطى مفتاح معرفة مثل حديث: " الناس معادن... " إلى آخره، والمهم هنا بيان بعض ما أجمله شيخ المحققين الخراساني (رحمه الله)، وهو الإرادة التشريعية حيث عرفها بقوله: " هو العلم بالمصلحة في فعل المكلف " فلم يتضح ما رامه.
وتحقيق ذلك يستدعي نقل كلام سيدنا الأستاذ صالح المتألهين العلامة الطباطبائي (قدس سره) فيما علقه على أصول الكافي الشريف لإمام المحدثين الكليني (رحمه الله) قال:
للمشية والإرادة انقسام إلى الإرادة التكوينية الحقيقية والإرادة التشريعية الاعتبارية، فإن إرادة الإنسان التي تتعلق بفعل نفسه نسبة حقيقية تكوينية تؤثر في الأعضاء الانبعاث إلى الفعل، ويستحيل معها تخلفها عن المطاوعة إلا لمانع.
وأما الإرادة التي تتعلق منا بفعل الغير - كما إذا أمرنا بشئ أو نهينا عن شئ - فإنها إرادة بحسب الوضع والاعتبار، لا تتعلق بفعل الغير تكوينا، فإن إرادة كل شخص إنما تتعلق بفعل نفسه من طريق الأعضاء والعضلات. ومن هنا كانت إرادة الفعل أو الترك من الغير لا تؤثر في الفعل بالإيجاد والإعدام، بل تتوقف على الإرادة التكوينية من الغير بفعل