حديث الطلب والإرادة - محمد المحمدي الجيلاني - الصفحة ٤٢
الكفر والعصيان.
ثم أردفه: ب‍ " إن قلت... قلت... " إلى أن بلغ كلامه إلى أن الشقاوة والسعادة ذاتيتان، وأن " السعيد سعيد في بطن أمه والشقي شقي في بطن أمه "، و " الناس معادن كمعادن الذهب والفضة " كما في الخبر، والذاتي لا يعلل.
فانقطع سؤال أنه لم جعل السعيد سعيدا والشقي شقيا؟ فإن السعيد سعيد بنفسه والشقي شقي كذلك، وإنما أوجدهما الله تعالى. " قلم اينجا رسيد سر بشكست "، قد انتهى الكلام في المقام إلى ما ربما لا يسعه كثير من الأفهام، ومن الله الرشد والهداية، وبه الإعتصام (كفاية الأصول 1، ص 99).
أقول: سيمر بك في مستقبل البحث كشف القناع عن حقيقة السعادة والشقاوة في بيان الأستاذ الإمام - جزاه الله تعالى عن المعارف والفقاهة أحسن الجزاء - وهناك يعطى مفتاح معرفة مثل حديث: " الناس معادن... " إلى آخره، والمهم هنا بيان بعض ما أجمله شيخ المحققين الخراساني (رحمه الله)، وهو الإرادة التشريعية حيث عرفها بقوله: " هو العلم بالمصلحة في فعل المكلف " فلم يتضح ما رامه.
وتحقيق ذلك يستدعي نقل كلام سيدنا الأستاذ صالح المتألهين العلامة الطباطبائي (قدس سره) فيما علقه على أصول الكافي الشريف لإمام المحدثين الكليني (رحمه الله) قال:
للمشية والإرادة انقسام إلى الإرادة التكوينية الحقيقية والإرادة التشريعية الاعتبارية، فإن إرادة الإنسان التي تتعلق بفعل نفسه نسبة حقيقية تكوينية تؤثر في الأعضاء الانبعاث إلى الفعل، ويستحيل معها تخلفها عن المطاوعة إلا لمانع.
وأما الإرادة التي تتعلق منا بفعل الغير - كما إذا أمرنا بشئ أو نهينا عن شئ - فإنها إرادة بحسب الوضع والاعتبار، لا تتعلق بفعل الغير تكوينا، فإن إرادة كل شخص إنما تتعلق بفعل نفسه من طريق الأعضاء والعضلات. ومن هنا كانت إرادة الفعل أو الترك من الغير لا تؤثر في الفعل بالإيجاد والإعدام، بل تتوقف على الإرادة التكوينية من الغير بفعل
(٤٢)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 37 38 39 40 41 42 43 44 45 46 47 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 مقدمة الناشر 3
2 المقدمة 9
3 في وصف المتكلم 14
4 فساد قول المعتزلة 17
5 شك ودفع: في وحدة إرادة الله وعلمه 21
6 تنبيه عرشي 23
7 فساد قول الأشاعرة 25
8 المطلب الأول ما هو المهم مما استدل به الأشعري على مطلوبه الأمر الأول: ثبوت الطلب نفسي في الأوامر الامتحانية 27
9 الأمر الثاني: حول تكليف الكفار 41
10 إيقاظ 44
11 الفصل الأول: في عنوان المسألة 47
12 الفصل الثاني: في إبطال المذهبين 53
13 الفصل الثالث: في بيان المذهب الحق 65
14 تنبيه: في شرك التفويضي وكفر الجبري 70
15 إرشاد: في استناد الأفعال إلى الله 78
16 تمثيل 82
17 تمثيل أقرب 82
18 تأييدات نقلية 83
19 الآيات 83
20 الروايات 86
21 الفصل الرابع: في ذكر بعض الشبهات الموردة ودفعها 96
22 حول إرادية الإرادة 96
23 تحقيق يندفع به الإشكال 101
24 تنبيه 106
25 حول قاعدة: الشئ ما لم يجب لم يوجد 107
26 حول علم الله تعالى واختيار الإنسان 117
27 المطلب الثاني في بيان حقيقة السعادة والشقاوة الأمر الأول: حول قاعدة " الذاتي لا يعلل " 124
28 الأمر الثاني: في فقر وجود الممكنات وعوارضه ولوازمه 129
29 الأمر الثالث: استناد الكمالات إلى الوجود 132
30 الأمر الرابع: في معنى السعادة والشقاوة 132
31 التحقيق: كون السعادة والشقاوة كسبيتين 134
32 المطلب الثالث في شمة من اختلاف خلق الطينات منشأ اختلاف النفوس 142
33 تنبيه حول مفاد بعض الأحاديث 159
34 خاتمة حول فطرة العشق إلى الكمال والتنفر عن النقص 162