المطلب الثالث في شمة من اختلاف خلق الطينات ربما يتوهم: أن اختلاف خلق طينة السعيد والشقي موجب لاختيار السعيد السعادة واختيار الشقي الشقاوة كما تدل عليه الأخبار الكثيرة (1)، فعادت شبهة الجبر.
لا بأس لدفعه بصرف عنان الكلام إلى توضيح ذلك ودفعه بعد بيان مقدمة:
وهي أنه لا إشكال في أن موضوع حكم العقلاء كافة - من أية ملة ونحلة - في صحة العقوبة هو المخالفة الاختيارية للقوانين شرعية كانت أو سياسية أو مدنية من أرباب السياسات، بعد صحة التكليف بحصول مقدماته وشرائطه من العقل والتميز بين الحسن والقبيح ووصول التكليف إلى المكلف.
فالعقل المميز بين الإنسان والحيوان شرفه بالتكليف وبه يعاقب ويثاب، لأنه يحكم بالعقل بوجوب طاعة مولى الموالي وقبح مخالفته، وبه يعرف المولى وحقه ودار الثواب والعقاب. فإذا خالفه باختياره وإرادته من