الفصل الأول: في عنوان المسألة إن المسألة بما هي معنونة في مسفورات أهل الكلام فرع من فروع أصل المسألة العقلية ونطاق البحث العقلي أوسع منه بل من ما بين الأرض والسماء كما سيتضح، ولعله إليه الإشارة فيما ورد: " أن بين الجبر والتفويض منزلة أوسع مما بين السماء والأرض " (1)، تأمل.
فنقول: هل المعلولات الصادرة من عللها، والآثار والخواص المترتبة على الأشياء، والمسببات المربوطة بالأسباب، والأفعال الصادرة عن الفواعل، سواء في عالم الملك أو الملكوت، والمجردات أو الماديات، وسواء صدرت عن الفواعل الطبيعية كإشراق الشمس وإحراق النار، أو الحيوانية والإنسانية، أو الآثار والخواص المترتبة على الأشياء كحلاوة العسل ومرارة الحنظل، وسواء كان الفاعل مختارا أو غيره.
وبالجملة: كل ما يترتب على شئ بأي نحو كان هل هو مترتب عليه وصادر عنه على سبيل الاستقلال وا لاستبداد بحيث لا يكون للحق - جل شأنه - تأثير فيها، وإنما يكون شأنه تعالى المبادي فقط، ونسبته إلى العالم كالبناء والبناء بحيث يكون بعد الإيجاد منعزلا عن التأثير والتدبير، ويكون الشمس في إشراقها والنار في إحراقها والإنسان في أفعاله والملائكة في شؤونها مستقلات ومستبدات ويكون وجود الباري وعدمه - العياذ بالله - في فاعلية العبد ومنشئية الموجودات للآثار على السواء، وأنه تعالى أوجد العقل - مثلا - وفوض إليه الأمر وأوجد المكلف وفوض إليه أفعاله؟ أو أنه تعالى كما هو فاعل للمبادئ فاعل للآثار بلا وسط ولا فاعلية ولا تأثير لشئ من الأشياء، ولا علية لموجود بالنسبة إلى غيره، ولا خاصية لموجود، وإن