[حول علم الله تعالى واختيار الإنسان] ومن الإشكالات (1): أن نظام الكيان - بقضه وقضيضه - تابع إرادة الله تعالى وقضائه، وتنتهي سلسلة الوجود من الغيب والشهود إلى إرادة أزلية واجبة بالذات لا يمكن تخلف المراد عنها، فيجب صدور ما صدر ويصدر من العبد بالقضاء السابق الإلهي والإرادة الأزلية، فيكون مضطرا في أفعاله في صورة المختار.
وبه يرجع مغزى قول من يقول (2): إن علمه تعالى بالنظام الأتم مبدأ له، لأنه تعالى فاعل بالعناية والتجلي. فنفس تعلق علمه مبدأ لمعلوماته وهي تابعة لعلمه لا العكس، كما في العلوم الانفعالية. بل العلم والإرادة والقدرة فيه - تعالى شأنه - متحققات بحقيقة واحدة بسيطة، والوجود الصرف صرف كل كمال.
وليست القدرة فيه تعالى كقدرة الإنسان تستوي نسبتها إلى الترك والفعل، لأن واجب الوجود بالذات واجب الوجود من جميع الجهات، واستواء النسبة جهة إمكانية يستحيل تحققها في ذاته البسيطة الواجبة، بل قدرتها أحدية التعلق كإرادته، وهما عين علمه بالنظام الأتم، فالنظام الكياني تابع لعلمه العنائي.
وبما قررنا يدفع ما قد يقال (3): إن العلم تابع للمعلوم ولا يمكن أن يكون علة له، لأن ذلك شأن العلوم الانفعالية مثل علمه تعالى الذي هو فعلي وفعل محض.
والتحقيق في الجواب عن الشبهة: ما أسلفناه في تحقيق الأمر بين الأمرين (4) ونزيد هنا بيانا: أن علمه وإرادته تعلقا بالنظام الكوني على