حديث الطلب والإرادة - محمد المحمدي الجيلاني - الصفحة ١١٧
[حول علم الله تعالى واختيار الإنسان] ومن الإشكالات (1): أن نظام الكيان - بقضه وقضيضه - تابع إرادة الله تعالى وقضائه، وتنتهي سلسلة الوجود من الغيب والشهود إلى إرادة أزلية واجبة بالذات لا يمكن تخلف المراد عنها، فيجب صدور ما صدر ويصدر من العبد بالقضاء السابق الإلهي والإرادة الأزلية، فيكون مضطرا في أفعاله في صورة المختار.
وبه يرجع مغزى قول من يقول (2): إن علمه تعالى بالنظام الأتم مبدأ له، لأنه تعالى فاعل بالعناية والتجلي. فنفس تعلق علمه مبدأ لمعلوماته وهي تابعة لعلمه لا العكس، كما في العلوم الانفعالية. بل العلم والإرادة والقدرة فيه - تعالى شأنه - متحققات بحقيقة واحدة بسيطة، والوجود الصرف صرف كل كمال.
وليست القدرة فيه تعالى كقدرة الإنسان تستوي نسبتها إلى الترك والفعل، لأن واجب الوجود بالذات واجب الوجود من جميع الجهات، واستواء النسبة جهة إمكانية يستحيل تحققها في ذاته البسيطة الواجبة، بل قدرتها أحدية التعلق كإرادته، وهما عين علمه بالنظام الأتم، فالنظام الكياني تابع لعلمه العنائي.
وبما قررنا يدفع ما قد يقال (3): إن العلم تابع للمعلوم ولا يمكن أن يكون علة له، لأن ذلك شأن العلوم الانفعالية مثل علمه تعالى الذي هو فعلي وفعل محض.
والتحقيق في الجواب عن الشبهة: ما أسلفناه في تحقيق الأمر بين الأمرين (4) ونزيد هنا بيانا: أن علمه وإرادته تعلقا بالنظام الكوني على

1 - أنظر القبسات: 471 - 472، الحكمة المتعالية 6: 384 - 389.
2 - الشفاء، الإلهيات: 538، شرح الإشارات 3: 318، القبسات: 416.
3 - نقد المحصل: 328، القبسات: 471، الحكمة المتعالية 6: 384.
4 - تقدم في الصفحة 71.
(١١٧)
مفاتيح البحث: الإختيار، الخيار (1)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 112 113 114 115 116 117 118 119 120 121 122 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 مقدمة الناشر 3
2 المقدمة 9
3 في وصف المتكلم 14
4 فساد قول المعتزلة 17
5 شك ودفع: في وحدة إرادة الله وعلمه 21
6 تنبيه عرشي 23
7 فساد قول الأشاعرة 25
8 المطلب الأول ما هو المهم مما استدل به الأشعري على مطلوبه الأمر الأول: ثبوت الطلب نفسي في الأوامر الامتحانية 27
9 الأمر الثاني: حول تكليف الكفار 41
10 إيقاظ 44
11 الفصل الأول: في عنوان المسألة 47
12 الفصل الثاني: في إبطال المذهبين 53
13 الفصل الثالث: في بيان المذهب الحق 65
14 تنبيه: في شرك التفويضي وكفر الجبري 70
15 إرشاد: في استناد الأفعال إلى الله 78
16 تمثيل 82
17 تمثيل أقرب 82
18 تأييدات نقلية 83
19 الآيات 83
20 الروايات 86
21 الفصل الرابع: في ذكر بعض الشبهات الموردة ودفعها 96
22 حول إرادية الإرادة 96
23 تحقيق يندفع به الإشكال 101
24 تنبيه 106
25 حول قاعدة: الشئ ما لم يجب لم يوجد 107
26 حول علم الله تعالى واختيار الإنسان 117
27 المطلب الثاني في بيان حقيقة السعادة والشقاوة الأمر الأول: حول قاعدة " الذاتي لا يعلل " 124
28 الأمر الثاني: في فقر وجود الممكنات وعوارضه ولوازمه 129
29 الأمر الثالث: استناد الكمالات إلى الوجود 132
30 الأمر الرابع: في معنى السعادة والشقاوة 132
31 التحقيق: كون السعادة والشقاوة كسبيتين 134
32 المطلب الثالث في شمة من اختلاف خلق الطينات منشأ اختلاف النفوس 142
33 تنبيه حول مفاد بعض الأحاديث 159
34 خاتمة حول فطرة العشق إلى الكمال والتنفر عن النقص 162