تمثيل والمثال يقرب من وجه لا من جميع الوجوه، وهو أنه إذا أشرقت الشمس على مرآة وانعكس منها النور على جدار، فنور الجدار ليس من المرآة بذاتها لعدم نور لها بذاتها، ولا من الشمس مطلقا بلا وسط ولا قيد، بل هو نور شمس المرآة، فمن نظر إلى المرآة غافلا عن الشمس يزعم أنه من المرآة، ومن نظر إلى الشمس غافلا عن المرآة يزعم أنه من الشمس بلا وسط، ومن كان ذا العينين يرى الشمس والمرآة، ويرى أن النور من شمس المرآة ومع ذلك يحكم بأن النور - وما هو من سنخه - للشمس بالذات وللمرآة بالعرض، ومحدودية النور حسب حد المرآة للمرآة بالذات وللنور بالعرض، ومع ذلك لولا الشمس وإشراقها لم يكن نور ولا حد، فالنور وحده من عند الشمس.
والأنوار الطالعة من أفق عالم الغيب إنما هي من نور الأنوار، * (ومن لم يجعل الله له نورا فما له من نور) * (1). فنور الوجود من حضرة الأحدية وظل نور الله تعالى، * (الله نور السماوات والأرض) * (2)، ولا نور إلا نوره ولا ظهور إلا ظهوره ولا وجود إلا وجوده ولا إرادة إلا إرادته ولا حول ولا قوة إلا به ولا حول ولا قوة إلا بحوله وقوته، والحدود والتعينات والشرور كلها من حدود الإمكان ولوازم الذوات الممكنة وضيق المادة وتصادم الماديات.
تمثيل أقرب أنظر قوى النفس المنبثة في الصيصية البدنية من غيبها فإنها بما هي متعلقات بذات النفس وروابط محضة بها فعلها، فعل النفس بل هي ظهورها وأسماؤها وصفاتها، فمع صحة نسبة الرؤية إلى البصر والسماع إلى