[الأمر الثاني: في فقر وجود الممكنات وعوارضه ولوازمه] إن الوجود وعوارضه ولوازمه ليست ذاتية لشئ من الماهيات الإمكانية وإلا لانقلب الممكن بالذات إلى الواجب بالذات واللا مقتضي بالذات إلى المقتضي بالذات. فالماهيات الإمكانية في اتصافها بالوجود وعوارضه مفتقرة إلى العلة. كما أن في مراتب الوجود ما كان مستغنيا عن العلة هو الوجود القيوم بالذات - تعالى شأنه - وسائر الوجودات مفتقرة إليه تعالى، بل نفس الربط والفقر إليه بلا وسط أو معه.
فالماهيات الإمكانية في موجوديتها تحتاج إلى حيثية تعليلية وتقييدية، لأنها مجعولة موجودة بالعرض، والوجودات الإمكانية مستغنية عن الحيثية التقييدية دون الحيثية التعليلية، لأنها مجعولات بالذات لا بالعرض مفتقرات إلى العلة بذواتها، فنفس ذواتها معللة مفتقرة وذاتيها الافتقار والتعلق.
فلا يكون شئ متصفا بالوجود في نظام التحقق وكيان التقرر بلا جهة تعليلية إلا الواجب - تعالى شأنه - فالواجب تعالى ذاته الوجوب والوجود فلم يكن مفتقرا ولا معللا بوجه، والوجودات الإمكانية ذاتها التعلق والافتقار فلم تكن معللة في افتقارها بأن يكون افتقارها لأجل شئ آخر وراء ذاتها.
فهي معللة بذاتها غير معللة في المعللية، والماهيات غير معللة في ذاتها وذاتياتها معللة في تحققها، ولوازم الماهيات غير معللة في لزومها معللة في تحققها، ولوازم الوجود معللة في تحققها. فالمعلول بالذات لازم ذات العلة التامة بالذات لزوما بالعلية والتأثير، فلزوم المعلول لعلته عين