تنبيه: [في شرك التفويضي وكفر الجبري] القائل بالتفويض أخرج الممكن عن حده إلى حد الواجب بالذات فهو مشرك. والقائل بالجبر حط الواجب تعالى عن علو مقامه إلى حد بقعة الإمكان فهو كافر. ولقد سمى مولانا الرضا (عليه السلام) المجبر كافرا، والمفوض مشركا على ما رواه صدوق الطائفة في " عيونه " (1)، والأمر بين الأمرين هو الطريقة المثلى التي للأمة المحمدية (صلى الله عليه وآله وسلم)، وهي حفظ مقام الربوبية والحدود الإمكانية.
والجبري ظلم الواجب حقه والممكنات حقها، والتفويضي كذلك، والقائل بالأمر بين الأمرين أعطى كل ذي حق حقه. والمجبر عينه اليمنى عمياء فسرى عماه إلى عينه اليسرى، والمفوض بالعكس، والقائل بالأمر بين الأمرين ذو عينين مبصرتين. والمجبر مجوس هذه الأمة حيث نسب الخبائث والنقائص إليه تعالى، والمفوض يهود هذه الأمة حيث جعل يده تعالى مغلولة * (غلت أيديهم ولعنوا بما قالوا بل يداه مبسوطتان) * (2) والقائل بالأمر بين الأمرين على الحنفية الإسلامية [25].
[25] قد عرفت فيما تقدم: أن أصول الأقوال في خلق أفعال العباد ثلاثة، وهاهنا يخصها تبيانا، مع استمداد من آثار أهل البيت (عليهم السلام)، فنقول:
أحدها: قول المفوضة، وهم قوم ذهبوا إلى أن الله تعالى أوجد العباد وآتاهم القدر على الأفعال وفوض إليهم الاختيار، فهم مستقلون بإيجادها على وفق مشيتهم، وزعموا أنه بذلك يظهر أمور:
الأول: فائدة التكليف بالأمر والزجر.