حديث الطلب والإرادة - محمد المحمدي الجيلاني - الصفحة ٤٩
وكان معبد ينكر على ملوك بني أمية باسم العدل الإلهي وإنكار الجبر الذي تقذف به السياسة الأموية في صدور الناس، ليعتقدوا أن ملك بني أمية من القضاء المحتوم والقدر الحتمي وليس للناس من الإرادة الحرة شئ، انتهى موضع الحاجة مع التلخيص.
وأما أول من قال بالجبر فقيل: هو جعد بن درهم الخراساني، وقد كان قبل إظهار عقيدته هذه يتودد إلى وهب بن منبه وعند الرواح إليه يغتسل، ثم يسأل وهبا عن صفات الله - عز وجل - فلما اكتمل أقام بدمشق وكان مؤدبا لمروان بن محمد آخر خلفاء بني أمية، حتى زالت الدولة الأموية هرب من دمشق إلى الكوفة وعاش فيها، فلقيه الجهم بن صفوان الترمذي الخزري وأخذ منه مذهبه في الجبر، ونسبت إليه الفرقة الجهمية.
وكيف كان: فقد رأيت أن الإمام الراحل (رحمه الله) قد صور القول بالجبر والتفويض المعنون في مسفورات أهل الكلام فرعا من فروع أصل المسألة العقلية المبحوث عنها في العلم الأعلى، من أن مناط حاجة الممكن إلى العلة هل هو الإمكان فقط، أو الحدوث فقط، أو الحدوث مع الإمكان شطرا أو شرطا؟ وأن الحق هو الأول، أعني الإمكان فقط.
وعليه: فلا يفرق بين الحدوث والبقاء، خصوصا إذا كان المراد من الإمكان هو الوجود الإمكاني الذي هو عين الربط والفاقة إلى العلة، لا أنه ذات لها الفقر والربط، بل هو متقوم بها متذوت بذاتها، بحيث مع قطع النظر عن وجود العلة لم يكن شيئا.
والقائل بأن الممكن محتاج إلى العلة حدوثا لا بقاء تفوه بأنه لو جاز على الصانع العدم لما ضر عدمه وجود العالم، فما قدروا الله حق قدره، وإنه تعالى قائم على كل نفس وشئ بما كسبت، وإنه سبحانه خلقكم وما تعملون، تعالى الله القيوم الحق عما يقول الظالمون علوا كبيرا.
وحيث صور المسألة معرقة في العلم الأعلى قال (قدس سره): ولعله إليه الإشارة فيما ورد:
" أن بين الجبر والتفويض منزلة أوسع مما بين السماء والأرض " تأمل.
هذا ذيل الحديث المروي في " التوحيد " عن أبي جعفر وأبي عبد الله (عليهما السلام) قالا:
(٤٩)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 44 45 46 47 48 49 50 51 52 53 54 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 مقدمة الناشر 3
2 المقدمة 9
3 في وصف المتكلم 14
4 فساد قول المعتزلة 17
5 شك ودفع: في وحدة إرادة الله وعلمه 21
6 تنبيه عرشي 23
7 فساد قول الأشاعرة 25
8 المطلب الأول ما هو المهم مما استدل به الأشعري على مطلوبه الأمر الأول: ثبوت الطلب نفسي في الأوامر الامتحانية 27
9 الأمر الثاني: حول تكليف الكفار 41
10 إيقاظ 44
11 الفصل الأول: في عنوان المسألة 47
12 الفصل الثاني: في إبطال المذهبين 53
13 الفصل الثالث: في بيان المذهب الحق 65
14 تنبيه: في شرك التفويضي وكفر الجبري 70
15 إرشاد: في استناد الأفعال إلى الله 78
16 تمثيل 82
17 تمثيل أقرب 82
18 تأييدات نقلية 83
19 الآيات 83
20 الروايات 86
21 الفصل الرابع: في ذكر بعض الشبهات الموردة ودفعها 96
22 حول إرادية الإرادة 96
23 تحقيق يندفع به الإشكال 101
24 تنبيه 106
25 حول قاعدة: الشئ ما لم يجب لم يوجد 107
26 حول علم الله تعالى واختيار الإنسان 117
27 المطلب الثاني في بيان حقيقة السعادة والشقاوة الأمر الأول: حول قاعدة " الذاتي لا يعلل " 124
28 الأمر الثاني: في فقر وجود الممكنات وعوارضه ولوازمه 129
29 الأمر الثالث: استناد الكمالات إلى الوجود 132
30 الأمر الرابع: في معنى السعادة والشقاوة 132
31 التحقيق: كون السعادة والشقاوة كسبيتين 134
32 المطلب الثالث في شمة من اختلاف خلق الطينات منشأ اختلاف النفوس 142
33 تنبيه حول مفاد بعض الأحاديث 159
34 خاتمة حول فطرة العشق إلى الكمال والتنفر عن النقص 162