الفصل الرابع: في ذكر بعض الشبهات الموردة ودفعها [حول إرادية الإرادة] منها (1) - وهي أصعبها -: أن الإرادة الإنسانية إن كانت واردة من الخارج بأسباب وعلل منتهية إلى الإرادة القديمة كانت واجبة التحقق، من غير دخالة العبد في ذلك فيكون مضطرا وملجأ في إرادته، ولازمه الاضطرار في فعله، لأن ما يكون علته التامة اضطرارية يكون هو أيضا كذلك. وإن كان إرادته بإرادته ننقل الكلام إلى إرادة إرادته، فإما أن يتسلسل أو يلزم الاضطرار والجبر.
وأجاب عنه أساطين الفلسفة بما لا يخلو عن التكلف والإشكال، فتصدى المحقق الداماد لجوابها: " بأن الإرادة حالة شوقية إجمالية متأكدة بحيث إذا ما قيست إلى نفس الفعل وكان هو الملتفت إليه باللحاظ بالذات كانت هي شوقا وإرادة بالقياس إليه، وإذا ما قيست إلى إرادته والشوق الإجماعي إليه وكان الملتفت إليه باللحاظ بالذات تلك الإرادة والشوق لا نفس الفعل كانت هي شوقا وإرادة بالقياس إلى الإرادة من غير شوق آخر مستأنف وإرادة أخرى جديدة. وكذلك الأمر في إرادة الإرادة، وإرادة إرادة الإرادة إلى سائر المراتب. فإذن كل من تلك الإرادات المفصلة تكون بالإرادة والاختيار، وهي بأسرها مضمنة في تلك الحالة الشوقية الإجمالية المعبر عنها بإرادة الفعل واختياره " (2)، انتهى كلامه رفع مقامه.
ثم حاول (3) مقايسة الإرادة بالعلم بالشئ تارة، وبالعلم بذواتنا أخرى، وبالنية في العبادة ثالثة، وباللزوم ولزوم اللزوم رابعة، وبالإرادة