إلى عشرات النصوص التي رواها الذهبي وغيره عن قدماء السلف، وهي تدل على أن مذهب عدد من السلف السنيين هو التفويض، ومذهب عدد آخر التأويل.
أما مذهب الحمل على الظاهر فهو مذهب المجسمة، وهم الحشوية وبعض الحنابلة، وقلة من الأشاعرة. وقد نقل الذهبي نفسه نص بعضهم على أنها ثلاثة مذاهب لا اثنين، فقال في إحدى ترجماته في سير أعلام النبلاء: 19 / 582: (وسألته يوما عن أحاديث الصفات فقال: اختلف الناس فيها: فمنهم من تأولها، ومنهم من أمسك، ومنهم من اعتقد ظاهرها، ومذهبي أحد هذه المذاهب الثلاثة). انتهى.
وكذلك نص ابن خلدون على تميز مذهب التفويض عن مذهب الحمل على الظاهر، كما رأيت في كلامه المتقدم. بل نص بعض المتأخرين كالنووي على أن مذهب قدماء السلف من السنيين هو التفويض مع الحكم بأن ظاهرها غير مراد، وهو أمر غريب، لأن التفويض يجتمع مع نفي تفسيرها بالظاهر ولا يجتمع مع التفسير به، لأنك إذا فسرتها بالظاهر لم تفوضها، بينما إذا نفيت بعض محتملاتها لم يضر ذلك بتفويضك.
(قال السيد شرف الدين في كتابه أبو هريرة: 1 / 57:
(قال الإمام النووي: وإن من العلماء من يمسك عن تأويل هذه الأحاديث كلها ويقول: نؤمن بأنها حق وأن ظاهرها غير مراد ولها معان تليق بها، قال: وهذا مذهب جمهور السلف وهو أحوط وأسلم، إلى آخر كلامه، فراجعه في شرح صحيح مسلم وهو مطبوع في هامش شرحي البخاري، وما نقلناه عنه هنا موجود في ص 18). انتهى.