القاضي محيي الدين، والخطيب ضياء الدين، وجماعة فصعدوا إلى القلعة وقالوا لواليها: هذا قد أضل الناس، ويقول بالتشبيه، فعقدوا له مجلسا فناظرهم، فأخذوا عليه مواضع: منها قوله: لا أنزهه تنزيها ينفي حقيقة النزول، ومنها: كان الله ولا مكان، وليس هو اليوم على ما كان.
ومنها: مسألة الحرف والصوت، فقالوا: إذا لم يكن على ما كان فقد أثبت له المكان، وإذا لم تنزهه عن حقيقة النزول فقد جوزت عليه الإنتقال، وأما الحرف والصوت فلم يصح عن إمام ك (ابن حنبل) وإنما قال إنه كلام الله، يعني غير مخلوق، وارتفعت الأصوات، فقال والي القلعة الصارم برغش: كل هؤلاء على ضلالة وأنت على الحق؟ قال: نعم فأمر بكسر منبره. قال:
وخرج الحافظ إلى بعلبك، ثم سافر إلى مصر، إلى أن قال: فأفتى فقهاء مصر بإباحة دمه، وقالوا: يفسد عقائد الناس، ويذكر التجسيم، فكتب الوزير بنفيه إلى المغرب، فمات الحافظ قبل وصول الكتاب.
وقال أيضا: وفي ذي القعدة سنة ست وتسعين وخمس مئة كان ما اشتهر من أمر الحافظ عبد الغني وإصراره على ما ظهر من اعتقاده وإجماع الفقهاء على الفتيا بتكفيره، وأنه مبتدع لا يجوز أن يترك بين المسلمين، فسأل أن يمهل ثلاثة أيام لينفصل عن البلد فأجيب.
قلت: قد بلوت على أبي المظفر (ابن الجوزي) المجازفة وقلة الورع فيما يؤرخه والله الموعد، وكان يترفض، رأيت له مصنفا في ذلك فيه دواه، ولو أجمعت الفقهاء على تكفيره كما زعم لما وسعهم إبقاؤه حيا، فقد كان على مقالته بدمشق أخوه الشيخ العماد والشيخ موفق الدين، وأخوه القدوة الشيخ