بالضرورة. وأيضا فيلزم على التقدير الثاني مخالطته لقاذورات العالم، تعالى عن ذلك علوا كبيرا.
الرابع: لو كان متحيزا لكان جوهرا لاستحالة كون الواجب تعالى عرضا، وإذا كان جوهرا فإما أن لا ينقسم أصلا أو ينقسم، وكلاهما باطل. أما الأول فلأنه يكون جزء لا يتجزأ وهو أحقر الأشياء، تعالى الله عن ذلك. وأما الثاني فلأنه يكون جسما وكل جسم مركب، وقد مر أنه أي التركيب الخارجي ينافي الوجوب الذاتي. وأيضا فقد بينا أن كل جسم محدث فيلزم حدوث الواجب. وربما يقال في إبطال الثاني: لو كان الواجب جسما لقام بكل جزء منه علم وقدرة وحياة مغايرة لما قام بالجزء الآخر، ضرورة امتناع قيام العرض الواحد بمحلين، فيكون كل واحد من أجزائه مستقلا بكل واحد من صفات الكمال، فيلزم تعدد الآلهة.
وهذا المستدل يلتزم أن الإنسان الواحد علماء قادرون أحياء كيلا ينقض دليله بالإنسان الواحد لجريانه فيه، وهذا الإستدلال ضعيف جدا لجواز قيام الصفة الواحدة بالمجموع من حيث هو مجموع فلا يلزم ما ذكر من المحذور.
وربما يقال في نفي المكان عنه تعالى: لو كان متحيزا لكان مساويا لسائر المتحيزات في الماهية، فيلزم حينئذ إما قدم الأجسام أو حدوثه، لأن المتماثلات تتوافق في الأحكام، وهو أي هذا الإستدلال بناء على تماثل الأجسام بل على تماثل المتحيزات بالذات.
وربما يقال: لو كان متحيزا لساوى الأجسام في التحيز ولا بد من أن يخالفها بغيره فيلزم التركيب في ذاته، وقد علمت في صدر الكتاب ما فيه، وهو أن الاشتراك والتساوي في العوارض لا يستلزم التركيب...