وقد فات الألباني وأمثاله، أنه لا يجوز الأخذ ببعض القرآن دون بعضه، وأنه لا بد أن نأخذ بنظر الاعتبار أيضا آية (لا تدركه الأبصار) وآية (ليس كمثله شئ) وبقية الآيات التي تنفي إمكانية رؤيته تعالى، ثم نجمع بين محكمها ومتشابهها، ويكفينا هنا القول إن آية (وجوه يومئذ ناضرة) التي يدعي أنها تعني النظر إلى ذات الله تعالى في الجنة، إنما تتحدث عن موقف في المحشر قبل دخول الجنة بدليل قوله تعالى: ووجوه يومئذ باسرة، تظن أن يفعل بها فاقرة. فوجوه المؤمنين مستشرفة إلى ربها تنتظر رحمته وعطاءه، ووجوه الكفار مكفهرة خائفة من عقابه، فليس في الآية ما يدل على النظر بالعين إلى ذاته سبحانه وتعالى لا في الجنة ولا قبلها!!
وفاتهم ثانيا: أنهم إذا جعلوا عدم الأخذ بأحاديث الرؤية هدما للسنة، فقد ارتكبوا هم ذلك وهدموا أحاديث عائشة الصحيحة عندهم برواية البخاري ومسلم وغيرهما!
والإنصاف أن آيات نفي الرؤية صريحة محكمة، ولا يصح معارضتها بظاهر آيات يبدو منها إمكان الرؤية بالعين، بل يجب حمل متشابه القرآن على محكمه، والحكم بأن ظاهر المتشابه غير مراد.
أما الأحاديث ففيها أحاديث تنفي الرؤية، وأحاديث أخرى تثبت الرؤية، وكلها عند إخواننا صحيحة روتها صحاحهم، وهي متعارضة بنحو لا يمكن الجمع بينها، فلا بد من ترجيح بعضها وطرح البعض الآخر، فلا يصح التهويل بأن ذلك من عمل الشيعة والمعتزلة وهو هدم للسنة الشريفة! لأن كل الذين قالوا برؤية الله تعالى بالعين مثل الألباني وابن باز قد طرحوا أحاديث