والإكرام، لما كان المراد بالوجه نفسه لم يقل ذي الجلال كما قال: تبارك اسم ربك ذي الجلال والإكرام، لما كان اسمه غيره.
ويمكن في قوله تعالى: كل شئ هالك إلا وجهه، وجه آخر وقد روي عن بعض المتقدمين، وهو أن يكون المراد بالوجه ما يقصد به إلى الله تعالى ويوجه نحو القربة إليه جلت عظمته، فيقول لا تشرك بالله ولا تدع إلها غيره فإن كل فعل يتقرب به إلى غيره ويقصد به سواه فهو هالك باطل.
وكيف يسوغ للمشبهة أن يحملوا هذه الآية والتي قبلها على الظاهر؟ أو ليس ذلك يوجب أنه تعالى يفنى ويبقى وجهه، وهذا كفر وجهل من قائله.
فأما قوله تعالى: إنما نطعمكم لوجه الله، وقوله: إلا ابتغاء وجه ربه الأعلى وقوله: وما آتيتم من زكاة تريدون وجه الله.. فمحمول على أن هذه الأفعال مفعولة له ومقصود بها ثوابه والقربة إليه والزلفة عنده.
فأما قوله تعالى: فأينما تولوا فثم وجه الله، فيحتمل أن يراد به فثم الله لا على معنى الحلول ولكن على معنى التدبير والعلم، ويحتمل أن يراد به فثم رضا الله وثوابه والقربة إليه. ويحتمل أن يراد بالوجه الجهة وتكون الإضافة بمعنى الملك والخلق والإنشاء والإحداث لأنه عز وجل قال: ولله المشرق والمغرب فأينما تولوا فثم وجه الله، أي أن الجهات كلها لله تعالى وتحت ملكه وكل هذا واضح بين بحمد الله). انتهى.
وخلاصة كلام الشريف الرضي رحمه الله: أن الوجه في الآية بمعنى الذات، كما قال علماء السنة غير المجسمة، ويحتمل أن يكون بمعنى الأعمال الصالحة التي يراد بها وجه الله تعالى.