والأعجب من ذلك أنه ذكر عبارة كأنها تفسير أهل البيت عليهم السلام للآية. فقال في صحيحه: 6 / 17: (كل شئ هالك إلا وجهه، إلا ملكه، ويقال إلا ما أريد به وجه الله، وقال مجاهد: الأنباء الحجج). انتهى. ونسخ البخاري المطبوعة فيها كلها (الأنباء الحجج) ولعل الصحيح: الأنبياء والحجج، الذين هم وجه الله تعالى، وهو نفس ما تقدم عن أهل البيت عليهم السلام! وإنما قلنا (لعل الصحيح) لأن البخاري وضع قول مجاهد في تفسير قوله تعالى: كل شئ هالك إلا وجهه، وهي الآية 88 آخر سورة القصص.
ولكن يحتمل أن يقصد بذلك قوله تعالى: فعميت عليهم الأنباء يومئذ... وهي الآية 66 من سورة القصص. فيكون ما نقله عن مجاهد خارجا عن موضوعنا.
وعلى هذا الاحتمال لا بد لنا من الالتزام بسوء عبارة البخاري حيث ذكر تفسير الآية المتقدمة بلا عنوان في سياق الآية المتأخرة!
وأخيرا.. لا يبعد كما أشرنا أن يكون موضوع الآية ومصبها أجيال الناس في الأرض قبل يوم القيامة، ويكون المعنى: كل شئ سيفنى في الدنيا قبل يوم القيامة، إلا حجج الله تعالى فإنهم يبقون إلى آخر عمر الأرض حتى يرفع الله حجته من الأرض وتقع الصيحة. فتكون الآية في الهالك والثابت من الحياة الاجتماعية ونشوء الأجيال! ويكون معنى الهلاك فيها غير الفناء في قوله تعالى: كل من عليها فان. ومما يدل على ذلك: آخر الحديث المتقدم في الإمامة والتبصرة ص 92، ونحوه في الكافي: 1 / 143، ورواه الصدوق في كمال الدين ص 231 (عن أبي حمزة، عن أبي جعفر عليه السلام قال: قلت في قول الله عز وجل: كل هالك إلا وجهه؟ قال: يا فلان فيهلك كل شئ ويبقى وجه الله عز وجل،