الكبر فإنه قد جاءكم صاحب الزمان محمد (صلى الله عليه وآله وسلم) المختار من الملك الجبار المتوج بالأنوار، صاحب الهيبة والوقار، قد ورد عليكم.
فنظرت العرب وإذا بالنبي (صلى الله عليه وآله وسلم) قد جاء وهو معتم بعمامة سوداء تلوح ضياء جبينه من تحتها وعليه قميص عبد المطلب وبردة الياس وفي رجليه نعلان لجده عبد المطلب وفي يده قضيب إبراهيم الخليل متختم بخاتم من العقيق الأحمر والناس محدقون به ينظرون إليه وقد أحاطت به عشيرته وحمزة يحجبه عن أعين الناظرين وقد شخصت إليه جميع المخلوقات والموجودات بالإشارة يسلمون عليه وقد ذهلت العرب مما رأوا منه وقام كل قاعد منهم على قدميه وجلس النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) وأعمامه في أعلى موضع ومكان وهو المكان الذي نحي عنه أبو جهل وأصحابه، ولم يبق منهم جالس غير أبو جهل لعنه الله وأخزاه، وقال:
إن كان الأمر لخديجة لتأخذن محمدا فتقدم إليه حمزة الأسد وقبض على أطرافه وقال له:
قم لا سلمت من النوائب ولا نجوت من المصائب، فأخذ أبو جهل يده وضربها في قائم سيفه فسبقه حمزة وقبض على يده حتى نبع الدم من تحت أظفاره ووكزه الحارث وقال له: ويلك يا بن هشام ما أنت عديل من نهض إليك من جملة الناس ورأيت أنك أشرف منهم لئن لم تقعد لآخذ رأسك، فخاف الفتنة وسكت وظن أنه زوج خديجة.
فلما استقر بالناس الجلوس إذا بخويلد قد أقبل ودخل على خديجة