فلما جن عليهم الليل انصرفت خديجة رضي الله عنها ورسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) وعلي (عليه السلام) ودخلت به منزلها فأقعدته على الموضع الذي فيه الصخرة وأظلته بصخرة فوق رأسه وقامت في وجهه تستره ببردها وأقبل المشركون يرمونه بالحجارة فإذا جاءت من فوق رأسه صخرة وقته الصخرة وإذا رموه من تحته وقته الجدران الحيط وإذا رمى من بين يديه وقته خديجة رضي الله عنها بنفسها وجعلت تنادي: يا معشر قريش ترمى الحرة في منزلها؟
فلما سمعوا ذلك انصرفوا عنه وأصبح رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) وغدا إلى المسجد يصلي (1).
أقول: لو كانت فقط هذه الرواية في فضلها لكفاها فضلا حيث تضمنت هذه الرواية حبها للنبي (صلى الله عليه وآله وسلم) وعلو منزلتها بإخبار جبرئيل (عليه السلام) للنبي (صلى الله عليه وآله وسلم) وتعريض نفسها سلام الله عليها للضرب الذي قد يؤدي للهلاك والموت فداء لسيد هذا الدين الحنيف المصطفى (صلى الله عليه وآله وسلم) فالسلام عليها يوم ولدت ويوم ماتت ويوم تبعث حية، والسلام على بنتها المظلومة فاطمة الزهراء أرواح العالمين لها الفداء، والسلام على أولادها المعصومين أرواح العالمين لتراب مقدمهم الفداء، اللهم لا تفارق بيننا وبينهم طرفة عين في الدنيا والآخرة إنك أنت أرحم الراحمين.