أو معاملة، استصحبوا بطلانه، فأفسدوا بذلك كثيرا من معاملات الناس وعقودهم وشروطهم بناء على هذا الأصل». (1) ومن أمثلة أحكامهم - كما ذكر في النقطة الثانية - تقصيرهم في فهم النصوص، وحصر الدلالة بمجرد ظاهر اللفظ. ومن ذلك روايتهم في من بال في الماء الراكد: فقد جاء في الحديث: «لا يبولن أحدكم في الماء الدائم الذي لا يجري، ثم يغتسل منه».
وفي رواية: «ثم يتوضأ منه». فالنهي في الحديث مقصور على البول في الماء الدائم، فلو تغوط فيه فلا بأس، لأنه غير منهي عنه، ثم إن النهي عن الوضوء أو الغسل بهذا الماء متوجه إلى البائل دون غيره، فلو بال إنسان في ماء راكد فلا مانع من أن يتوضأ منه غير البائل لأنه ظاهر بالنسبة له!
وفي ذلك يقول ابن حزم: «... إلا أن البائل في الماء الراكد الذي لا يجري حرام عليه الوضوء بذلك الماء والاغتسال به لفرض أو لغيره، وحكمه التيمم إن لم يجد غيره. وذلك الماء طاهر حلال شربه له ولغيره، إن لم يغير البول شيئا من أوصافه، وحلال الوضوء به والغسل به لغيره. فلو أحدث في الماء، أو بال خارجا منه ثم جرى البول فيه، فهو طاهر يجوز الوضوء منه والغسل له ولغيره، إلا أن يغير ذلك البول أو الحدث شيئا من أوصاف الماء، فلا يجزي حينئذ استعماله أصلا، لا له ولا لغيره...».
ويقول مدافعا عن التفريق بين البول والغائط، وأنه يقتصر على ما ورد به النص:
«فلو أراد (عليه السلام) أن ينهى عن ذلك غير البائل، لما سكت عن ذلك عجزا ولا نسيانا، ولا تعنيفا لنا بأن يكلفنا على ما لم يبده لنا من الغيب». (2)