عنه، إما لعدم علمه بالحديث وقلة المحفوظ منه، وإما إعراضا منه عن السنة، كما يقول الناقمون عليه.
وكان خصومه شنعوا عليه: «أنه أجهل الناس بما كان، وأعلمهم بما لم يكن»!. (1) واستند الكارهون لأبي حنيفة إلى قول الله تعالى: (يا أيها الذين آمنوا لا تسألوا عن أشياء إن تبد لكم تسؤكم). (2) كما استدلوا بما رواه جماعة عن النبي (صلى الله عليه وآله): «وكان ينهى عن عقوق الأمهات، ووأد البنات، ومنع وهات». (3) وفي رواية: «كان ينهى عن: قيل وقال، وكثرة السؤال، وإضاعة المال». (4) وقال ابن عبد البر وابن القيم: «إن النهي عن السؤال في الآية، والنهي عن كثرة السؤال، فإن كانت بعيدة الوقوع أو مقدرة لا تقع، لم يستحب له الكلام فيها، وإن كان وقوعها غير نادر ولا مستبعد، وغرض السائل الإحاطة بعلمها، ليكون منها على بصيرة إذا وقعت، استحب الجواب بما يعلم، لا سيما إن كان السائل يتفقه بذلك، ويعتبر بها نظائرها ويفرع عليها، فحيث كانت مصلحة الجواب راجحة كان هو الأولى». (5) وقال ابن عبد البر في باب الطعن على أبي حنيفة: «كثير من أهل الحديث استجازوا الطعن على أبي حنيفة، لرده كثيرا من أخبار العدول، لأنه كان يذهب في ذلك إلى عرضها على ما أجمع عليه من الأحاديث ومعاني القرآن، فما شذ عن ذلك رده وسماه شاذا. وكان مع ذلك يقول: الطاعات من الصلاة وغيرها لا تسمى إيمانا، وكل من قال من أهل السنة: الإيمان قول وعمل ينكرون قوله، ويبدعونه (6) بذلك، وكان مع ذلك