والقياس». (1) ولذلك لا ينظر المدنيون بعين الرضا إلى العلماء العراقيين، وهذا سعيد بن المسيب يضيق صدره بسؤال تلميذه ربيعة الرأي عندما يناقشه في أرش الأصابع، ويتهمه بأنه عراقي، فيقول له: أعراقي أنت؟! (2) وفي العراق أيضا في الصدر الأول كان الشعبي، وإبراهيم النخعي ممثلين عن الطائفة الأولى والثانية، لأن الشعبي كان صاحب الآثار، وإبراهيم صاحب القياس. (3) ويروي الشعبي ما يقلل من شأن الرأي، وينفر منه، فقد سئل عن شيء فلم يجب عنه، لأنه لم يكن يحفظ فيه أثرا!
فقيل له: قل برأيك؟
قال: «وما تصنع برأيي؟ بل على رأيي»!. (4) ومثله قوله: «أرأيتم لو قتل الأحنف بن قيس، وقتل معه صغير، أكانت ديتهما سواء، أم يفضل الأحنف لعقله وعلمه؟
قالوا: بل سواء!
قال: فليس القياس بشيء». (5) وقال الأعمش: «ما ذكرت لإبراهيم حديثا قط إلا زادني فيه، لكنه مع هذا العلم بالحديث والدراية بنقده لم يكن يرغب في الاشتغال بالرواية، تورعا وخوفا من الزلل.