أخرجوه، فاطلع الله عز وجل نبيه صلى الله عليه وسلم على ذلك، فبات علي رضي الله عنه على فراش النبي صلى الله عليه وسلم تلك الليلة، وخرج النبي صلى الله عليه وسلم حتى لحق بالغار، فبات المشركون يحرسون عليا، يحسبونه النبي عليه السلام، فلما أصبحوا ثاروا إليه، فلما رأوا عليا رد الله مكرهم، فقالوا: أين صاحبك؟ قال: لا أدري. فاقتصوا أثره.
وقال محمد بن كعب القرظي: اجتمعوا على بابه، فقالوا: إن محمدا يزعم أنكم إن تابعتموه كنتم ملوك العرب والعجم، ثم بعثتم بعد موتكم، فجعل لكم جنان كجنان الأرض، فإن لم تفعلوا ذلك كان لكم [فيه] ذبح، ثم بعثتم بعد موتكم، فجعلت لكم نار تحرقون فيها.
فخرج رسول الله صلى الله عليه وسلم فأخذ حفنة من تراب، ثم قال: نعم أنا أقول ذلك، فنثر التراب على رؤوسهم، ولم يروا رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو يقرأ:
(يس) إلى قوله: (وجعلنا من بين أيديهم سدا ومن خلفهم سدا فأغشيناهم فهم لا يبصرون). ثم انصرف إلى حيث أراد، فأتاهم آت ممن لم يكن معهم، فقال: ما تنتظرون ها هنا؟ قالوا: محمدا. قال: قد والله خرج عليكم محمد ما ترك منكم رجلا إلا وقد وضع على رأسه ترابا، وانطلق لحاجته. فوضع كل رجل منهم يده على رأسه، فإذا عليه تراب، ثم جعلوا يتطلعون فيرون عليا رضي الله عنه على الفراش متسجيا ببردة رسول الله صلى الله عليه وسلم. فيقولون: إن هذا لمحمد نائم عليه برده. فلم يبرحوا كذلك حتى أصبحوا، فقام علي عن الفراش، فقالوا: والله لقد صدقنا الذي كان حدثنا.
وروى الواقدي عن أشياخه: أن الذين كانوا ينتظرون رسول الله صلى الله عليه وسلم تلك الليلة من المشركين: أبو جهل، والحكم بن أبي العاص، وعقبة بن أبي معيط، والنضر بن الحارث، وأمية بن خلف، وابن العيطلة، وزمعة بن الأسود، وطعيمة بن عدي، وأبو لهب، وأبي بن خلف، ونبيه ومنبه ابنا الحجاج.