الرابع (العاشر). ويذكر ابن حوقل وجود مشهد يزوره كثير من الناس. وبنى مسجد عند قبر الإمام الرضا بأمر الأمير فائق عميد الدولة، ولا يوجد أجمل منه في خراسان كلها، على قول المقدسي. وبني قبر هارون الرشيد إلى جانب قبر الإمام، وشيدت دور دور وسور في جوار ذلك البستان، وقد تخرب هذا البناء الجميل الذي وصفه كل من ابن حوقل والمقدسي، بعد مدة قصيرة من إتمامه بأمر الأمير سبكتكين تشديدا في مقاومة الشيعة. وظل البناء خرابا سنين عديدة لم يجسر أحد على عمارته خوفا من الاضطهاد.
وفي أوائل القرن الحادي عشر أمر السلطان محمود بن سبكتكين بتعمير مشهد الرضا وإقامة بناء فخم عليه قبة عالية. ويقال إنه رأى أمير المؤمنين في المنام فعاتبه وقال له: إلى كم يدوم هذا الحال؟ فعلم أنه يشير إلى قبر الرضا. وتم البناء بإشراف حاكم نيسابور سنة 1009 م. ولكن هذا البناء تخرب أيضا بعد مدة قصيرة على يد القبائل التركية واللصوص. وكان الخراب كاملا، فلا توجد اليوم كتابة على بناء المشهد الحالي يرجع تاريخها إلى ما قبل ذلك الدور.
وفي القرن الثاني عشر أعاد أبو طاهر القمي في زمن السلطان سنجر السلجوقي تشييد البناء على نفقته الخاصة أو نفقة السلطان. وبقي هذا البناء الجديد نحو مائة سنة حتى تخرب معظمه على يد المغول، ففي سنة 1220 بعد أن ذبح تلكوخان سكان مدينة نيسابور فعل بطوس ما فعل نيسابور، فخربت مدينة طوس (طابران القديمة) ونهب المشهد الذي كان فيه قبرا الإمام علي الرضا وهارون الرشيد. ولم يتخرب المشهد كله، إذا لا تزال بعض الكتابات عند الضريح يرجع تاريخها إلى سنة 612 ه (1215) إلى قبل غزو المغول بخمس سنوات.
وأعيد بناء المشهد في أوائل القرن الرابع عشر على زمن السلطان محمد الجايتو، وهو أول من تشيع من المغول، فيذكر هوارث في كتابه تاريخ المغول أن أم الجاتيو نشأت ابنها نشأة مسيحية، فعمدته باسم نقولا. فلما ماتت أمه أقنعته زوجه بالدخول في