فمنهم العلامة ابن منظور الإفريقي في " مختصر تاريخ مدينة دمشق " (ج 7 ص 249 ط دمشق) قال:
قال الزهري: سمعت علي بن الحسين سيد العابدين يحاسب نفسه، ويناجي ربه، ويقول: يا نفس حتام إلى الدنيا غرورك؟ وإلى عمارتها ركونك؟ أما اعتبرت بمن مضى من أسلافك؟ ومن وارته الأرض من آلافك؟ ومن فجعت به من إخوانك؟
ونقل إلى البلى من أقرانك؟
فهم في بطون الأرض بعد ظهورها * محاسنهم فيها بوال دواثر خلت دورهم منهم وأقوت عراصهم * وساقتهم نحو المنايا المقادر وخلوا عن الدنيا وما جمعوا لها * وضمتهم تحت التراب الحفائر كم تخرمت أيدي المنون من قرون بعد قرون؟ وكم غيرت الأرض ببلاها؟
وغيبت في ثراها ممن عاشرت من صنوف الناس، وشيعتهم إلى الأرماس؟
وأنت على الدنيا مكب منافس * لخطائها فيها حريص مكاثر على خطر تمسي وتصبح لاهيا * أتدري بماذا لو عقلت تخاطر وإن امرء يسعى لدنياه دائبا * ويذهل عن أخراه لا شك خاسر فحتام على الدنيا إقبالك؟ وبشهواتها اشتغالك؟ وقد وخطك القتير، وأتاك النذير، وأنت عما يراد بك ساه، وبلذة نومك لاه؟
وفي ذكر هول الموت والقبر والبلى * عن اللهو واللذات للمرء زاجر أبعد اقتراب الأربعين تربص * وشيب قذال منذر لك كاسر كأنك تعني بالذي هو صائر * لنفسك عمدا عن الرشد جائر أنظر إلى الأمم الماضية والملوك الفانية، كيف أفنتهم الأيام، ووافاهم الحمام، فانمحت من الدنيا آثارهم، وبقيت فيها أخبارهم.
وأضحوا رميما في التراب وعطلت * مجالس منهم أقفرت ومعاصر