ومن حكمه: ليس للملك أن يمتنع من مراجعة كل من أصابته جفوة أو عقوبة عن جرم أجرمه أو ظلم ظلمه، فإن امتناعه من ذلك مضر بأموره وأعماله، ولكن عليه أن ينظر في أمر من يكون كذلك وما عنده وما يرجى منه، فإن كان ممن يستعان به ويوثق برأيه وأمانته كان الملك أحق بالحرص على مراجعته منه.
وقال:
ومن وصاياه: ينبغي للسلطان أن لا يلج في تضييع حق ذوي الحق ووضع منزلة ذوي المروة، ويستدرك ذلك رأيه في ذلك، ولا يغره أن يرى في صاحبه المفعول ذلك به رضى وإقرارا، فإن الناس في ذلك رجلان: رجل أضل طباعه الشراسة فهو كالحية إن وطئها الواطئ فلم تلدغه لم يكن جديرا أن تغره ذلك فيعود، ورجل أصل طباعه السهولة فهو كالصندل البارد إذا أفرط في حكه عاد حارا يؤذي.
وقال في ص 96:
ومن حكمه: كثرة الأعوان إذا لم يكونوا متخيرين مضرة بالعمل، فإن العمل صلاحه بصلاح الأعوان لا بكثرة الأعوان، فإن حامل الحجر الثقيل يثقل نفسه ولا يجد به ثمنا، وحامل الياقوت لأثقل عليه منه وهو يجد به حاجته.
وقال فيه:
[ومنها] إذا لم يكن في ملك الملوك سرور رعيته كان ملكه ظلما.
وقال فيه أيضا:
[ومنها] لا ينبغي للرجل الفاضل المروءة أن يرى إلا في مكانين: إما مع النساك متبتلا، وإما مع الملوك مكرما.