يتجسس نهارا ويعس ليلا، حتى ذكر الغزالي في إحياء العلوم (22) إنه سمع وهو يعس بالمدينة صوت رجل يتغنى في بيته فتسور عليه، فوجد عنده امرأة وعنده خمر فقال: يا عدو الله أظننت أن الله يسترك وأنت على معصيته؟ فقال:
إن كنت عصيت الله في واحدة فقد عصيته أنت في ثلاث. قال الله: " ولا تجسسوا " وقد تجسست، وقال: " وليس البر بأن تأتوا البيوت من ظهورها " وقد تسورت علي، وقال " لا تدخلوا بيوتا غير بيوتكم، الآية، وقد دخلت بيتي بغير إذن ولا سلام. فقال عمر (رض): هل عندك من خير إن عفوت عنك؟ قال: نعم فتركه وخرج، إلى غير ذلك من مصاديق اجتهاداته وموارد تأولاته التي عدل بها عن ظواهر الأدلة حرصا على توطيد دعائم السياسة وابتغاء لتنظيم شؤونها، وتقديما لمصلحة المملكة، وإيثارا لتقوية الشوكة من وضعه الخراج على السواد، وكيفية ترتيبه للجزية وعهده بالشورى على الوجه المعلوم، وقوله (23) يومئذ: " لو كان سالم (ابن معقل مولى أبي حذيفة) حيا استخلفته " مع انعقاد الاجماع (24) نصا وفتوى على عدم جواز عقد الإمامة لمثله، ضرورة إنه من أهل فارس، إما من إصطخر أو من كرمد، استرقته زوجة أبي حذيفة ابن عتبة بن ربيعة بن عبد شمس وكانت من الأنصار.